Opinions

الحرب القادمة دينية بامتياز.. ودون ذلك هراء

بقلم: عبد الكريم محمد

الغالبية العظمى من البشر يحاول فلترة الكلام خوفاً من التهمة الجوالة، التي تسمى تطرفاً دينياً، بينما من تبقى يسعى لتقعير الكلمات وانتقاء الجمل والشعارات الرنانة.. ليظهر بالمظهر الحضاري، الذي يليق بعظمته ومكانته ورفعة تفكيره ورجاحة عقله.

لم تخل حرباً على مرّ التاريخ من الشعارات الدينية أو العقيدية، بل دائماً كانت الأيديولوجيا التي تشحذ الهمم، لتجميع البشر في شن حروبهم الجهنمية، بمعزل عن الأهداف البعيدة، والتي تتربع على نهاياتها المخروطية الغنيمة الدسمة.

لكن بعيداً عن التفاصيل، الحرب اليوم عادت، لتكون مفضوحة بلا ورقة توت أو طرحة غانية أو حتى عباءة مزركشة، قد تغطي عورتها.. هذه الحرب رغم البحث عن المنافع، تستند في كل تفاصيلها إلى الخطابات الدينية والمذهبية والطائفية، وأن ما يقال خلاف ذلك هو مجرد ترهات لا أكثر..

ما يجري اليوم في العالم، بما في ذلك خطاب ما يسمى باليمين ويمن الوسط، هو خطاب ديني يرتكز إلى قيم عنصرية، مشفوعة بشعارات دهرية وحسب.. حتى العلمانيين يتحولون عند المساء بعد خروجهم من الحانة أو الماخور السياسي، إلى نجباء ومريدين لذاك العفن القابع على كوبة نفايات الحقد والكره والتخلف.

هذا السلوك يطال كل ديانات العالم السماوية والوضعية من دون استثناء، لدرجة يضطر الفئة القليلة إلى اللوذ باستخدام مفردات أو مصطلحات، رمادية لا تقدم ولا تؤخر..

حتى بعضهم عندما يتصدر المجلس بجانب ممثل الرب على الأرض، يغلب مفاهيم الباطنية في القول الظاهر عند الأغيار، لا أكثر ولا أقل.. وليبقى مخرجاً لهم، إذا ما مالت الدفة أو الكفة لصالح اتباع هذا الدين أو ذاك..

هذه القيم والترهات موجودة بالغرب، وعلى نطاق واسع جداً، حتى الانتخابات التي تقاد بعناوين اجتماعية – اقتصادية، محكومة بالأبعاد الدينية الدهرية، والحديث يطال أمريكا وروسيا والصين والهند وكل دول العالم من دون استثناء.

المهم أن البشرية لم تتأنسن بعد، رغم الحروب التي أودت بمئات الملايين من البشر، وما تزال الفئات المسيطرة بالغرب المترهل، تؤمن بحرب آجوج وماجوج، والمسيح الدجال وعودة المسيح والحرب التي ستصبح الدماء أنهاراً، لتغطي شكائم الخيل، وسيهزم الأغيار ليعم السلام ليعيش من بقي سعيداً في الألفية المزعومة.. هذا المشهد تماماً يلتقي أو يتخلق من مقولة لقاء المهدي مع المسيح للقضاء على المظالم إيذانا بقيام الساعة.

أما نحن فمضطرون أن نبقى جيلاً بعد جيل ندفع فواتير الترهات، التي لا تجد ما يحققها واقعاً، بل سنضطر نعيش الآلام تلو الآلام، لقضايا ليس لنا فيها حولاً أو قوة.. أو حتى مساحة لإبداء الرأي الذي يخصنا.