
بقلم: عبد الكريم محمد
عندما ترحل الأحلام لا طعم للمدن العامرة، لاشيء يمكنه أن يرسم شكلاً للحواضر.. بل لا شيء يبهر الحالمين، فلا الضجيج يسمع ولا الاضواء المبهرة ترى.. ولا دفء القلوب قادرة على توثيرك بنياطها، كعباءة ناسك.. بعد انتصاف الليل أو ما يزيد
هي هكذا الحياة، أيها العابر من هناك، صوب المجهول.. لا يشدك السير عشقاً أوهوىً؛ سوى ما تحتاجه قدماك لتقوى على الرحيل..
ساعة ينادي المنادي المذعور بعالي الصوت.. يا سامعين الصوت.. هل من مجيب؟
في ليلة موحشة ظلماء.. تفتقد للقدرة على رسم تفاصيلك ظلاً.. لتعيد السؤال بلا صدىً.. بحثاً عن أنيس.. من هناك؟
لا شيء يسمع إلا وقع الأقدام.. وأصوات الحصى التي تتكسر كقطع من زجاج.. بين أقدام جيوش الرحل المذعورين.. وبعض من وجع وأنين..
لم يعد يغريك شيئاً في الحانة، بعد أن فارق طعم النبيذ المزّ حمرة العنب، رغماً عنه.. لم يعد يشبه شفاه العاشقة لحظة الصقيع.. التي انتظرتك على قارعة الطريق يوماً.. بفارغ من الصبر مع بقايا الشوق..
الذي ما يزال خللاً، أو نتفاً من جمر تحت الرماد.