Opinions

وجهة نظر: الملك عبد الله الثاني في موسكو.. هل هو سعي لإعاد النظام السوري للحضيرة العربية

بقلم: الدكتور أحمد الحمادي
أكاديمي وباحث

السيادة الوطنية لسورية، تتجلى حقيقة في قمة الملك عبد الله الثاني الملك الأردني و القاتل المجرم بوتين الرئيس الروسي .
و الرسالة الواضحة فيها، بأن لا سيادة وطنية سورية بل هي ممزقة منتهكة مخترقة، تتجاذبها القوى و الميليشيات ذات النفوذ على الأرض .

للأردن هواجسها الأمنية المرتبطة بأمنها القومي، فلا تريد أن تكون مقرا و ممرا لشبكات تهريب المخدرات ، و كذلك الحال بالنسبة للسلاح وما يشكله من خطورة آنية ومستقبلية على وضعه الداخلي، أمنياً و سياسياً؛ خاصة وأنه يقع في بؤرة جيوسياسية سياسية، تفتقد إلى الثبات والاستقرار.

الملف السياسي الذي سيناقشه الملك عبد الله مع المحتل و الوصي و الحامي الروسي للنظام، هو العمل على إعادة النظام السوري لحضيرة الجامعة العربية.. بذريعة تطويق النفوذ و التأثير الإيراني وفق مساعيه لمواجهة مشروع الولي الفقية. و لكن فاته بأن النظام السوري، منخرط فيه للعظم منذ إجراء التحالف الاستراتيجي و المصيري مع إيران الخمينية .

و يبدو بأن الملك لم يشاهد ألبوم أرشيف صور الملك حسين و هو على الحدود العراقية مع الرئيس العراقي صدام حسين، و هو يشد حبل المدفع ليطلق قذيفة مدفعية نحو إيران ليرسل رسالته باسم الشعب الأردني؛ بأننا مع العراق في مواجهة إيران.

في الوقت الذي كان حافظ الأسد و نظامه، يحيك المؤامرات ضد العراق و يمد إيران بكل انواع الدعم السياسي و العسكري و الاقتصادي و الإعلامي و تحريض العرب و تياره القومجي ضد العراق.. لم يتوقف الأمر عند حدود التحالفات، حتى انتقل إلى إعلان التحالفات الطائفية، من خلال التحدي السافر لرفع راياتهم المذهبية، على جدران الجامع الأموي و ساحاته و شوارع دمشق.. والمظاهر والطقوس الدينية التي غزة عاصمة الأمويين، توطئة لإعلان الانتصار الطائفي المقيت والقذر.

هذه المظاهر التي مورست وما تزال، تسعى لتغيير وجهها الحقيقي الأصيل، بوجه حاقد مشوه ممزوج بالحقد و الانتقام التاريخي، وبميليشياتهم التي تمكن و تعزز وجودهم لتكملة اتمام مرحلة ما من مراحل مشروع الولي الفقية، الساعي للسيطرة على المنطقة أولا ثم العالم ثانيا.

الملك عبد الله الثاني من جهته، كان واعيا و مدركا و سباقا في كشف خطورة هذا المشروع، المتمثل في تشكيل وبناء الهلال الشيعي، ومع ذلك للأسف و كون دولته في بوز المدفع و وسط كل هذه الزلازل و العواصف السياسية المحيطة، لم يتخذ إلا الإجراءات الأمنية الداخلية و الحدودية و الإنسانية لمواجهة كل ذلك، التي لن تجدي إلا في إطار مشروع عربي عام، قادر على الإيقاف و الحد من توسع هذا المشروع الإيراني إلى أدنى درجات المقدرة والتأثير السياسي.

ولقد أظهرت أحداث الثورة السورية، تذبذب و عدم ثبات الموقف الأردني اتجاهها و الحديث في هذا المنحى يطول، ولا مجال للإسهاب حاليا، و لكن كنا نتمنى من جلالة الملك عبر جولاته لواشطن و موسكو، و كونه ضامناً في اتفاق التسوية ٢٠١٨ م أن ينفذ ضمانته.

و لنا عتب كبير، بل من حقنا العتب عليه في هذا الشأن، فالأفراد قد يدفعون الغالي و النفيس من أجل الحفاظ على ضماناتهم و كلامهم (….) فكيف بالدول المعتبرة؟!!

و العتب الثاني عليه و المرتبط بالمشروع الإيراني، حوران بغالبيتها من نسيج واحد متجانس قوي و متماسك و لافظه و رافضه لهذا المشروع، بل تعاديه للعظم.. و بنفس الوقت تشكل حصن منيع و خط دفاع أول عن الأردن من الجهة الشمالية، لكون المكون البشري والاجتماعي والسياسي و العقائدي والجغرافي وحتى العشائري واحد وممتد ومتداخل و مع ذلك فرط بها!!

فأحداث درعا البلد المحاصرة الآن، التي تبعد أمتاراً قليلة عن أراضيه، تتعرض للقهر و التجويع و التعطيش و نضوب في مقومات الحياة و قصف على مدار الساعة.. و هجمة همجية شرسة من قبل النظام المجرم والميليشيات الإيرانية، الهادفة لبسط سيطرتها، الجنوب بعد درعا، نحن لا نتمنى للأردن الشقيق إلا الخير و الرفاة و الإزدهار و الإستقرار، وعتبنا عليه كبير بقدر محبتنا له و لشعبه الشقيق ظهرنا و سندنا .

لذا كنا نتمنى من الملك عبد الله مناقشة الملف الحياتي المصيري لأهلنا في درعا البلد، الذي يهددهم الموت و الجوع و الآلة العسكرية في كل آن و حين مع بوتين الوحش اللعين .