
تم تعيين قائد إنجيلي ومستشار سابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قضايا الأديان، رئيسا لمؤسسة غزة الإنسانية، في وقت تحاول فيه المبادرة تجاوز سلسلة استقالات على مستوى القيادة.
وقد أسند المنصب إلى جونّي مور، العضو في لجنة الولايات المتحدة للحرية الدينية الدولية (US Commission on International Religious Freedom) ومؤسس شركة الاستشارات المتخصصة “كايروس”، خلفا لجيك وود، الجندي السابق في مشاة البحرية، الذي استقال من منصبه معلنا أنه لا يستطيع ضمان استقلالية المؤسسة عن المصالح الإسرائيلية.
وكان مور قد دافع بشدة عن المؤسسة، ورفض الانتقادات التي وجهت إليها خلال عملية الإطلاق، إذ كتب على منصة “إكس” مخاطبا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن التقارير التي تحدثت عن مقتل وإصابة فلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات في غزة “أكاذيب ينشرها الإرهابيون”.
وعلى الرغم من الدعم الأمريكي العلني للمؤسسة، فإن شركاء رئيسيين واصلوا انسحابهم منها. فقد أعلنت شركة بوسطن كونسلتينغ غروب (Boston Consulting Group – BCG)، وهي شركة استشارات أمريكية كبرى، يوم الثلاثاء أنها ألغت عقدها مع مؤسسة GHF، في ظل تنامي التدقيق الإعلامي بشأن طبيعة أعمال المؤسسة ومصادر تمويلها.
وفي منشور لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أعلنت المؤسسة أن نقاط توزيعها ستُغلق يوم الأربعاء لإجراء “أعمال تحديث وتنظيم وتحسين كفاءة”، دون أن توضح تفاصيل تلك التحسينات، على أن تُستأنف العمليات يوم الخميس.
وفي بيان رسمي، أشاد مور بما قال إنها عملية توزيع لأكثر من سبعة ملايين وجبة خلال الأسبوع الماضي، وهي أرقام لم يتم التحقق منها بشكل مستقل، كما وجّه انتقادات حادة للتقارير الإعلامية التي تناولت أوضاعًا مالية غير واضحة وفوضى في إطلاق مراكز توزيع المساعدات داخل غزة.
وقال مسؤولون صحيون محليون إن شخصًا واحدًا على الأقل قُتل، وأصيب أكثر من خمسين آخرين في السابع والعشرين من مايو، عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار في اليوم الثاني من تشغيل أحد مراكز توزيع المساعدات التابعة للمؤسسة.
وأكد مور في بيانه أن “مؤسسة GHF ترى أن خدمة سكان غزة بكرامة وتعاطف يجب أن تكون أولوية قصوى”، مضيفًا: “نرحب بانضمام الآخرين إلينا، ونحث على توخي أقصى درجات الحذر عند تداول معلومات غير موثوقة من مصادر سبق أن نشرت تقارير ثبت زيفها”.
وأضاف: “إن نشر أخبار كاذبة عن وقوع عنف في مواقعنا يؤثر سلبًا على السكان المحليين، ولا نرى ضررًا أكبر يمكن أن يُلحق بمجتمع يمر بظروف إنسانية قاسية”.
ويذكر الموقع الإلكتروني لشركة “كايروس” أن مور “صديق إنجيلي بارز لدولة إسرائيل”، ويلعب دورًا محوريًا في جهود التواصل الأمريكية مع حكومات الشرق الأوسط، بما في ذلك التوصل إلى اتفاقيات أبراهام (Abraham Accords) لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
وقال جون أكري، المدير المؤقت لمؤسسة GHF، إن مور يمتلك “سجلًا موثقًا في القيادة المبدئية والعمل الإنساني الميداني”، غير أن نقص خبرته في التعامل مع منظمات خيرية كبرى يُضعف قدرته على التصدي للانتقادات بشأن افتقار المؤسسة للاستقلالية والخبرة في إدارة الأزمات الإنسانية الكبرى.
وقد ذكرت شركة BCG، التي كانت مسؤولة عن التخطيط اللوجستي الأساسي، أنها انسحبت من المشروع نهاية الأسبوع الماضي، وأفاد متحدث باسمها لشبكة CNN بأن “الأعمال الإضافية غير المعتمدة المتعلقة بغزة افتقرت إلى موافقة الأطراف متعددة الجنسيات وتم إيقافها في 30 مايو”، مضيفًا أن “الشركة لم تتلق ولن تتلقى أي أجر مقابل هذا العمل”.
وأكدت BCG كذلك أنها وضعت الموظف المسؤول عن الإشراف على المشروع في إجازة إدارية في انتظار نتائج مراجعة داخلية. وذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، التي كانت أول من أورد خبر انسحاب BCG من المؤسسة، أن الشركة لعبت دورًا محوريًا في التخطيط لعمليات GHF.
وقال ثلاثة أشخاص مطلعين على تفاصيل المشروع للصحيفة إن استمرار المؤسسة في العمل سيكون صعبًا من دون المستشارين الذين ساهموا في إنشائها. وأشارت الصحيفة إلى أن BCG، بالإضافة إلى مشاركتها في تطوير المبادرة بالتنسيق الوثيق مع إسرائيل، قامت بتحديد أسعار الدفع وتجهيز مجموعة المتعاقدين الذين أنشأوا أربعة مراكز توزيع في جنوب غزة لتقديم المساعدات.
المصدر: “الغارديان”