
بقلم: آيات أبوطعيمة
كٌّلٌ منّا يحملُ في طيّاتهِ حكاية؛ قدْ تكون مؤلمة، حزينة، موجعة، سعيدة، قد تكون صرخات ودموع صامتة.
نعم: لكلٍّ مِنّا ذكريات نحاولُ أنْ نهربَ منها وكأنها شخصٌ يُلاحقنا، كأنها ظلٌ يحب مُرافقتنا في كل وقت.
يتلاشى النّهار، ويعمُّ هدوء اللّيل، وتمتلىء السّماء بالنّجوم اللامعة، ويبنثقُ القمر خلفَ الشّمس وخلفَ السّحب، تنامُ الطّيور ويطغى علينا السّكون، ومنْ هُنا تبدأ الحكاية، وكأنها قصة نحاول أنْ نُداريها عمّن حولنا، وكأنه ذنبٌ نريدُ أن نخفيه عن البقيّة ونُوهمهم أن كل شئ على ما يُرام.
مع النسّمات اللطيفة نُحاكي ما في قلوبنا، وكأننا نُعانق السماء والنّجوم، وكأن فيهما الرّاحة والأمان، نروي لهما حكاياتنا، نستعيدُ معهم ذكرياتنا، نبكي لهمْ وجعًا ونضحك لهم فرحًا، فتجد نفسك تتحولُ من إنسان قوي إلى ضعيف، من شخص كتوم وغامض إلى ثرثار ومُتكلّم..
تعيشُ لحظات مع هواء نقيّ خالي من الخُبث والحقد والغرور، مع هواء مهما شَكْيّت ومهما تعذبت وفتحت له قلبك تكون على ثقة أنه سيسمعك للنّهايّة دون لَوْمك أو مُعاتبتك..
دون أن يطلب منك التوقف عن الحديثِ، يجمعُ أسراركَ ويحتويها ويحتضنها كالطفل الذي تحتضنهُ أُمه في الّليل دون أن تلومهُ على سهرهِ، وتحتضنه بشدة لِيشعرَ بالرّاحةِ والسكينة.
تزورنا خيالات وأطياف نريدها أن تتحقق ولكن مع هذه الدُّنيا اللعينة لا نستطيع أن نصل إليها، وإن وصلنا نصل بصعوبةٍ مُثقلة.
ننظر حولنا لا نجد إلا ظلامٌ يجولُ حولهُ مصباحٌ مضئ، وكأن هذا المصباح وُجِدَ لِيضيء عتمة المكان، لنسرح بأفكارنا ونُعاتب أنفسنا لِنقلّب صفحاتنا ونروي أحاديثنا.
نعم إنه الليل وهدوئه، إنه المُتنفس الوحيد لنحكي لهُ ما نُخفيهِ عن عيونِ البشرِ، فهو يأتي لِيُثبت لكَ أن الضّجةَ في داخلكَ وليست من حولكَ.
فهناك عيون تبكي، وعيون تروي، وعيون صامتة عاجزة عن الكلام، وعيون يعجزُ عن فهمها البشر، فاللّيل لهُ سحرٌ ورونق خاص لِيغمركَ بالرّاحة والاطمئنان فتجد سلامًا داخليًا في روحكَ لِتتأملَ في هذه الحياة,