Arabic

ماذا يعني فقدان لبنان الحق في التصويت بالأمم المتحدة؟

لم تعد الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان مقتصرة على الساحة الداخلية، حيث امتدت لتصل للساحة الدولية، بعد أن فقد لبنان حقه في التصويت بالجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب تأخره عن سداد مستحقات قديمة.

وفي رسالة صادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خضعت 9 دول أعضاء مؤخرا لأحكام المادة 19، وهي: لبنان، وفنزويلا، وجنوب السودان، ودومينيكا، وغابون، وغينيا الاستوائية، وجزر القمر، وسان تومي وبرينسيبي، والصومال.

وأوضحت الرسالة أنه تم حرمان الدول الـ 6 الأولى من التصويت، بينما سمحت الجمعية العامة للدول الـ 3 الأخيرة بالتصويت حتى نهاية الدورة 77.

وقال مراقبون إن هذه الخطوة خطيرة على المستوى الداخلي والخارجي، حيث تقوض سيادة لبنان وتجعله عرضة للتدخلات الدولية، كما يفقد مصداقيته أمام المجتمع الدولي، الذي يمكن بعدها التوقف عن تقديم المساعدة.

عزلة دولية
اعتبر الدكتور على عبدو، الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، أن فقد لبنان حقه في التصويت بالأمم المتحدة ليست المرة الأولى، حيث تكررت للسبب نفسه وهو التأخر على دفع المستحقات المالية المستحقة، وفقا للمادة 19 من ميثاق المنظمة، مؤكدًا أن لبنان لم يمتنع عن تسديد المستحقات بل تأخر بسبب الأزمة المالية والسياسية التي يعاني منها.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، هذا الموضوع سيكون له تداعيات سلبية كبيرة تضاف إلى الأزمات والتعقيدات التي يعاني منها لبنان، إذا لم يتم تدارك هذا الموضوع بشكل سريع؛ فتسارع الأحداث في لبنان نحو الانهيار الكبير أوصل البلد إلى مصاف الدول الفاشلة والمنهارة، وإلى فقدان ثقة المجتمع الدولي بسبب سوء إدارة البلاد، وانعدام الثقة سيدفع الدول إلى التوقف عن مساعدة لبنان بشكل كلي، وهو ما ينعكس سلبيًا على المواطن بالدرجة الأولى، وسيزيد من عمق الأزمة.

ويرى الأكاديمي اللبناني، أن موضوع التصويت مرتبط بشكل أساسي بالسيادة، وهنا مكامن الخطر، فحرمان لبنان من هذا الحق يقوض سيادته ويجعله عرضة إما للعزلة الدولية أو للعديد من التدخلات التي لا يمكن السيطرة عليها، وهو ما لم تتحمله الساحة الداخلية، وعلى الحكومة المبادرة السريعة لتسوية أوضاعها المالية للحفاظ على الحد الأدنى في علاقاتها مع المجتمع الدولي، حتى وإن كانت هناك تباينات كبيرة داخلية وخارجية حول هذا الأمر.

ويعتقد أن عدم التصويت يقوض كذلك السلطة السياسية داخل البلد، نتيجة العزلة الدولية التي ستفرض عليه، وهو ما يؤدي إلى زيادة الانقسامات داخل الدولة، وحدوث شرخ كبير قد يدفع لاحقا إلى توترات أمنية ومجتمعية وانهيارات كبيرة في عدد من مفاصل الدولة، خاصة أننا نشهد أزمات على كافة الصعد تربوية وصحية واجتماعية ومالية واقتصادية.
ولفت عبدو إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى شلل تام داخل مؤسسات الدولة وانهيار شامل قد تصل بعده البلاد إلى مرحلة اللا عودة، وهذا الأمر رهن التزام الدولة اللبنانية بتعهداتها المالية وحل الموضوع بأسرع وقت ممكن.

بينما يرى البعض المهتم، أن الأمم المتحدة والدول لم تعد تهتم بلبنان، ولا تسعى لإيجاد حلول له، كما أن القوى السياسية الفاعلة التي تسيطر عليه لم تعد جدية، ولا تملك القدرة على إيجاد الحلول الضرورية لوقف الانهيار والمزيد من الإفلاس والخراب.

وبحسب المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة؛ لا يكون للعضو الذي يتأخر عن سداد اشتراكاته المالية في المنظمة، حق التصويت في الجمعية العامة، إذا كانت قيمة المتأخر عليه تساوي قيمة الاشتراكات المستحقة عليه في السنتين الكاملتين السابقتين أو تزيد عنها.

ووفقا لقرار صادر في أكتوبر/تشرين الأول 2022، يمكن الاستثناء والإبقاء على حق الدولة العضو بالتصويت في الأمم المتحدة، إذا اقتنعت بأن التأخر في السداد ناشئ عن أسباب خارجة عن إرادة الدولة، وأسهمت في عجزها عن الدفع.

وأكدت وزارة الخارجية اللبنانية عبر “توتير” أن “سائر المراحل الخاصة لتسديد المبلغ المطلوب قد أُنجزت”. وأضافت أنه بعد الاتصالات مع رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية، “تبين أن عملية الدفع النهائية ستتم مباشرة بما يحفظ حقوق لبنان في الأمم المتحدة”.