بقلم: عبد الكريم محمد
ما أصعب اللحظات، عندما يخطفك الوقت.. كتلك الرضيعة التي اختطفت من حضن أمها، بعد ساعات لترى النور باهتاً، غير تلك الأنوار.. أو لتعيش النور البارد الهرم كزفرة مودع، فاقد لمتعة الحياة.. أو ينعم بدفئه من لا يستحقه ليتحول منبعاً للفرح.. ويعيشه الآخرون مثلنا، بصيصاً منتظراً من الأمل مجبولاً بالألم..
لم يعد ثمة متسعاً من الانتظار، أو فسحة من الوقت.. فقد أكلتنا جيوش الجراد، بعد أن ترك لنا الروم هدية من مغول وبقايا أدمية.. ترك لنا روؤساً تصنع الدسيسة والمؤامر، كما تصنع طباخة الرب ما يشبه عسل النحل.. دون أن ندري من ذا الذي يدس السم بذاك العسل.
اليوم وبعد رهط من الزمن، تصحى القبيلة من سباتها على ذات الجنازة الجوالة منذ أول التاريخ، لتحط رحالها في تلك البقاع، لا لشيء، بل لأنها ما تزال حية تتحرك بفرسانها، على هذه الأرض.. فاللهواء ضريبة وللرتابة المصيبة وللعثور على من كانت قد اختطفت بالمهد، الضريبة، التي أفقدتنا طعم الأشياء.. وأذاقتنا مرّ اللحظات..
كم أخاف عليك يا صاحبي من فقدان، من كان بالقبيلة يحبك.. كم أخاف عليك من العتمة بعد سرقة بصيص النور من عينيك.. كم هي اللحظات مذعورة من بقاء الخاطف طليقاً.. والمخطوفة وديعة من غير ذنب اقترفته.. سوى أنها بنت تلك القبيلة..
اليوم يحدونا الحزن ليعيش بين ظهرانينا.. ولا نقوى إلا أن ننادي باسم القبيلة بأعلى الصوت.. نحن نحبك.