Opinions

كتب الحمادي: عقلية المؤامرة معشعشة في تفكير الكثر

بقلم: د. أحمد خليل الحمادي
كاتب وباحث
لذا بعضهم رد لها ما قام به ستة سجناء فلسطينين من حفر نفق على مدار سنوات طويلة ممتد من تحت المغسلة لخارج السجن بملعقة لتأمين هروبهم منه بطول ٣٠ قدم ، يغمزون بذلك لإسرائيل و بأنها سهلت أو اتاحت ذلك لغاية ما تريدها .
من المعروف بأن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من أقوى الأجهزة الأمنية في العالم و على كافة الصعد في هذا المجال ، و أستطيع أن أقول بأن صراعها مع العرب و الفلسطينين في جانبه الأكبر هو الصراع الأمني الذي تسخر له إمكانيات مالية و قدرات و جهود كبيرة و ما تحققه فيه يمهد لتحقيق أهدافها العسكرية في حروبها مع محيطها أولا و مع الشعب الفلسطينيي ثانيا .

و إذا استعرضنا تاريخ حروبها و قمعها نرى بأن الممهد لغلبتها و توسعها أجهزتها الأمنية ، فهي تمارس صراعها الأمني بكل حرفية و مهارة ، لذا لا غرابة أن تمهد الطرق أمام إيلي كوهين الجاسوس الإسرائيلي الذي اتخذ اسم ( محمد أمين ثابت ) ليرشح لأرفع المناصب في سورية. و هو من كان الصديق المقرب من الضابط حافظ الأسد وزير الدفاع السوري لاحقا و رئيس الجمهورية فيما بعد و مرافقه في زياراته للجبهة و أماكنها الحساسة.
و هو من أوصى الموساد بضرورة ربط حافظ و الاعتماد عليه في سورية و ليكون رجلهم الأقوى و الأبرز ، و لعل ثمرة التعاون بينهما و ارتباطه ب( حافظ ) معها، هو ما دفع السوريين على الدوام بنعته ببائع الجولان كونه أصدر الأمر / البيان ٦٦ في الساعة ٩.٣٠ صباح ١٠/حزيران / ١٩٦٧ م؛ بصفته وزير الدفاع السوري للانسحاب الكيفي من الجولان و القنيطرة قبل ان يطأها الجنود الإسرائيليين بعدة ايام، و أذاعه وقتها المذيع صابر فلحوط من إذاعة دمشق.

و لقد ذكر أحد النازحين الذين استقروا في قريتنا علما، بأنه ذهب بعد حوالي ستة أيام من إعلان السقوط لقريته في القنيطرة لعله يجلب بعض أرزاقه المتروكة و قال بأنه لم يجد في كل القرى و الأرض التي قطعها، أي من جنود و قطعات الجيش الإسرائيلي .

و على الجبهة المصرية ما قصة حفلة أم كلثوم و حضورها من قبل كل قيادات الجيش المصري و سهرتهم المتأخرة على آهاتها، في الوقت التي دمرت فيها طائراتهم و مطاراتهم، لا نستطيع الحسم في ذلك و لكننا نستطيع القول بأن إسرائيل كانت تعرف ما يجري هناك و استغلت اللحظة المناسبة للبدء بالمعركة في وقت كان العرب يخططون لشن الحرب على إسرائيل و…….( للحديث شجونه و يحتاج الدراسة المعمقة ).

و كذلك حال العمليات الأمنية في بيروت ضد كمال عدوان و كمال ناصر و من معهم و غيرهم ، و في تونس اغتيال القادة الفلسطينين بعملية كومندس هيأتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية و منهم خليل الوزير ، و ليس أخرها تسميم الختيار و هو في مقر رئاسته و جميع المحيطين به فلسطينيون ، و القائد الحمساوي محمود المبحوح في فندق إماراتي ، و قبله اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس و عبد العزيز الرنتيسي حيث قصفتهما مسيراتها في الوقت و المكان الدقيق ، فهل يحدث ذلك دون تمهيد و مراقبة و اختراق أمني ؟

طبعا لا أحد ينكر آحابيل و مساعي و أعمال و عمليات إسرائيل الأمنية، هي أن لم تشاهد عيانا بل تدرك بنتائجها، و لكن أن يتم نسب النفق و هرب السجناء من خلال الغمز من هذه القناة فأنا استبعده و السبب هو كل ما تقدم ، أي إسرائيل تريد دائما الظهور بمظهر القلعة الأمنية العصية على الاختراق و يتجلى ذلك من خلال سورها حول ما تسميه أرض إسرائيل، و الذي كلفها مليارات الدولارات و غايته الحماية الأمنية البحته.

و كذلك سياجها الحدودي مع دول الجوار و الذي زود بأحداث كاميرات المراقبة و التجسس و المتابعة و الرصد و على مسافات متقاربة و المعروف بالسياج الإلكتروني ، و كأنها تقول لا نريد للعصفور العبور دون معرفتنا و إرادتنا ، و بعد كل هذا و ذاك و غيره الكثير يتنطع للقول مؤامرة و الشغلة فيها إن .

لا ليس في الأمر إن و لكن رجال يئسوا من السجن و عدم الإفراج عنهم فحاولوا صنعه بملعقتهم على شكل نفق ، و لا يمكن لإسرائيل أو أي من أجهزتها الأمنية ان تظهر بالضعف أو الإنكسار الأمني ، فكيف لها ان تسمح بهذا الخرق و الاختراق في سجن جلبوع مما يهدد سمعة إمبراطورتيها الأمنية و يكون علامة سوداء في أجهزتها الأمنية ، و يسجل عليها في صراعها الأمني بالهزيمة .