بقلم: د.أحمد خليل الحمادي
مما لا شك فيه، أن المخدرات المرسلة من قبل عصابات منظمة من الجار السوري، باتت تهدد بنية المجتمع الأردني، بل أصبحت تشكل تهديدا خطيرا لأمنه الأجتماعي وأمنه الوطني العام، ما يجعل تهريب المخدرات إليه و عبر أراضيه بمثابة حرب مفتوحة عليه من قبل من يقوم بذلك.
مما يفرض عليه كحكومة و مؤسسات أمنية و حرس حدود و جمارك و جيش، أن يسعى بكامل قوته لردع تهريب المخدرات و منعها من التداول على أراضيه أو مرورها عبرها .
و ربما كانت الحادثة الفاجعة الأخيرة التي أصابت الأردن و شعبه في محاولة التصدي لمهربي المخدرات و أدت لأستشهاد ضابط برتبة نقيب و إصابة آخرين كناقوس خطر دق بصراخ عالي مؤلم على تغيير قواعد الاشتباك على حدوده الشمالية، و هذا ما كان.
فلقد غير الأردن قواعد الإشتباك على حدوده مع سورية، وتم تزويد حرس حدوده بأسلحة أكثر تأثير و فاعليه من بينها الطائرات المروحية و صرحت بأنها ستلاحق المهربيين حيث يتواجدون في إشارة و تلميح بأنه سيتم ملاحقة المهربيين داخل الأراضي السورية، ووجهت عقب الاصطدام مع المهربيين أصابع الإتهام لشخصيات نافذة في النظام السوري، منها “ماهر الأسد” بأنه يقف خلف محاولات التهريب المسعورة للأردن و غيره من البلدان العربيه..
ولعل الجدير بالذكر، أن عصابات تهريب المخدرات في سورية، تجاوزت مرحلة التمويه والسرية، حيث خرجت إلى العلن بعد حصولها على غطاء رسمي من قبل النظام ورجالاته، وذلك بعد أن أصبحت المخدرات تشكل مصدرا مهما لدخل الحكومة والعصابة الحاكمة.
و يكفي أن نقول بأن مصانعها في سورية تجاوز عددها سبعين مصنع وورشة كبيرة، و بأن الفرقة الرابعة تعتمد في تمويلها على المخدرات وهي من على زراعتها و تصنيعها و ترويجها و تهريبها، وبأن الرقم الذي تدره المخدرات في الدخل السوري تجاوز بحسب التقديرات ٣.٥ مليار دولار.
أما عن من يقوم بعمليات التهريب المباشرة فلا أستطيع معرفتهم بالضبط، و لكنني أستطيع الإشارة عمن ينشطون في جنوبنا السوري في مجال دعم و ممارسة تجارة المخدرات، و منهم ضباط و قادة مجموعات الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، ومنهم ميليشيا حزب الله اللبناني، و هي من أول من أدخل المخدرات لسورية مع ارتاله العسكرية التي توجهت إليها، و أيضا فرع الأمن العسكري و رئيسه العميد لؤي العلي فهذا الفرع يغطي محافظتي درعا و السويداء أي نسبة كبيرة جدا من الحدود المشتركة مع الأردن، و أيضا للميليشيات الإيرانية دورها في التهريب.
و كل من يتاجر بالمخدرات في محافظتي درعا و السويداء سواء بالترويج الداخلي أو التهريب الخارجي، لا بد له من مرجعية و سند و ظهر و داعم ممن ذكرناهم ودوره ينحصر في جلب عائداتها المالية و حصوله على الجزء اليسير من ذلك.
أما عن ما حجمها ؟
لا أحد يعرف حجمها الحقيقي إلا من يقوم بتهريبها، و لكنها كميات كبيرة قياساً بالكميات المضبوط من قبل السلطات الأردنية، والتي تقدر بملايين الحبوب المخدرة من الكبتاغون و الكريستال و غيرها و مئات الكيلوغرامات من أكياس الحشيش بأنواعه، و المخدرات التي تهريب عبر المنافذ الحدودية تهرب بتموهها في مواد أخرى نظامية كأحجار الرخام و الليمون و الرمان و البطيخ و الحلويات و الملفوف و حتى في علب حليب الأطفال و…. و بغيرها مما تبدعه عقليتهم الإجرامية في استخدامه.
ولعل الخطورة الشديدة، هي تلك التي تتسلل عبر الحدود و على امتدادها مع استخدام المهربين للأسلحة، والتحدي الصارخ للسلطات الأردنية المستند إلى استخدام القوة التي وصلت حدّ القتل مع استخدم الطائرات المسيرة في عمليات التهريب.. مما دفع الأردن لتغيير قواعد الاشتباك على الحدود السورية.. ولعل الغرابة بالأمر، أنه رغم الغمز واللمز والإشارات الواضحة، ما تزال الأمور تقف عند حدود التورية، ولم يوجه الاتهام الصريح والواضح لنظام الأسد وميليشياته والميليشيات المتواجدة على أراضيه، بأنهم من يقفون وراء الغزو بالمخدرات للأراضي الأردنية.