Literature

عندما تحط القوافل رحالها

بقلم: عبد الكريم محمد

لا تزال هذه الكلمات محفورة في ذاكرتي، عن رمضان لتتجدد في كل عام، كأني أعيشها في ذاك الزمن الجميل.. فقد قيل في كتب السيرة والتاريخ، كانت القوافل قبل حلول شهر رمضان تسارع الخطى لتصل إلى مبتغاها وأهليها محملة بكل ما لذل وطاب..

كانت القوافل تلتقي بالاتجاهين عائدة من خرسال وبلاد الهند والسند.. محملة بالتوابل والعود والبخور.. وبأنواع من الأنسجة لتحاك لباساً زاهياً للعيد.. لتحط أوزارها في بغداد ودمشق ومكة والمدينة والقاهرة يتستقر جزء منها في حيفا وغزة هاشم، وكانت تشكل محطة في مناطق ما تزال تحمل اسمها من الميدان إلى الحوانيت والمخازن.. والخانات..

كان الجوز واللوز والعصفر “الكركم”، والفستق والقمح والشعير يملأ مخازن الزكاة من بلاد الأذر، وكأنك تعيش رمضان الخير والتفاؤل ولأمل، ليعم الخير في البلاد بين العباد..

كانت الرواحل تمتد على مساحات الطرق دونما توقف، تسابق الهلال وأصوات التكبير، والاغاني على مقام النهاوند والصبا يخترق صمت القوافل وصرير الامتعة المحملة على ظهور الخيل والجمال..

كان الأمل متوجاً بالإيمان وكأنما رمضان عرس السنة الهجرية وبهجتها.. الكل كان يتذوق طعم القرى عند المساء، لكأنهم ضيوفاً في بيوتهم.. هذا المشهد كان سمة ذاك المخيم الذي جمع بين الراحلين والقادمين، بين المهاجرين والانصار.. بين الفرح والحزن وأمل العودة..

الغريب رغم اختلاف الذلول والرواحل ما تزال القوافل لم تتوقف بعد، فقط كل ما تغير هو اختزال عامل الوقت، ليبق حنين الأمس يتقد ناراً مع حنين اليوم..

هكذا هي الحياة فقد فطر عليها الخلق وستبقى إلى يوم القيامة.. كل يحن إلى قيعانه وعرصاته، ومضارب قبيلته وإن بدت بعين الآخر يباباً.. كل عام وأنتم بخير