بقلم: عبد الكريم محمد
عندما تتوقف المدافع لتتراجع أصوات القهر قليلاً ويسكن أزيز الرصاص، ليخلد القتلة والمقتولين ساعة للنوم وأخرى للراحة، لا يعني أن الحرب قد حطت أوزارها، لتدخل في سبات الخلود.. مستكينة لطيب الخواطر وشعارات الأخوة الكاذبة.
صحيح أن الحرب قد تتوقف لتبتعد عن الصخب والضجيج، لكن الذي قد لا نعرفه أو نطلع عليه، هي حرب المطالب ودفع الإتاوات والأثمان الكبيرة، التي تخبئ بحقدها الحرب ناراً تحت الرماد.. تنتظر لحظة مواتية أخرى لتعود من جديد، بأسماء وأسلحة وقتلة وشعارات قد تختلف عن شعارات الحرب التي سبقتها..
لا يمكننا أن نوقف التاريخ بلحظة فطنة أو أمنية أو حلم بيوم ربيعي مزهر، فالتاريخ سلسلة من الأحداث التي لا تتوقف، والعدل منها براء، فمن يكتب التاريخ على الدوام هم الأقوياء، ليطلقون الأوصاف على أهوائهم، وكما يحلو لهم ويخدم توجهاتهم..
الحرب التي بدأت بهمة بوتن لا يمكن أن تتوقف، وإن أخرست المدافع والبنادق وأصبح الحمام الزاجل بديلاً عن الطائرات، لأنها وميض نار لا أكثر، وسيكون لها ضراماً، بل ستصبح حروباً جوالة في كل منطقة رخوة، قابلة للانفجار.. وأن عامل الوقت هو صاحب القرار في الضغط على الزناد..
المهم بالأمر، المحارب مهنة كما كل المهن، والمحاربون على هذه الأرض كثر، والغنيمة ما تزال تشرأب لها القلوب قبل العيون.. والحصاد يتجدد كما السنابل.. والحرب لم تنته بعد، وإذا ما طوقت في أوكرانيا ستفتح بألف منطقة تشبه أوكرانيا.. وإن اختلف الأسماء والأشكال والأعراف والأعراق واللغات، إنها الحرب التي لا تنتهي.