بقلم: عبد الكريم محمد
كل يوم يطل علينا خبر مفاده، اكتشاف مقابر أو مقبرة جماعية للسكان الأصليين، خاصة في الأمريكيتين.. ومن بينها كندا وأمريكا.. ثمة أشياء في التاريخ الذي يحمل بين ظهرانيه فصولاً مأساوية، صناعها مِن مَن لا يقيمون شأناً للآخر، باعتبارهم أغياراً..
اليوم اختلفت الصورة تماماً، لم يعد مكاناً للرؤس المظلمة، التي اعتبرت كل شيء جائز، بما في ذلك قتل الحيوان والبشر وتدمير الحجر فوق رؤوس ساكنيه.. فلا مكان للقيم العنصرية، التي تستند إلى مقولات لاهوتية تافهة ومنحطة، بل لا مكان لآجوج وما جوج، ولا للحروب على أبواب بيت المقدس، ولا للدماء الجارية التي ستغطي شكائم الخيل..
لا مكان لكذبة الدم الأزرق، بل لا مكان لحزام العفة التي كانت تعتبر المرأة عبدة عند شذاذا الآفاق باسم الله والفتح المقدس، لا قدسية في غزو الآمنين ولا قدسية في إحتلال أرض الغير بالقوة.. بل لا قدسية لأي دين أيا يكن يؤمن بالقتل، أو يؤمن بفرض طقوسه على الآخر، حتى لو كان هذا الآخر ابناً لذاك الناسك أو لذاك المحارب، المدجج بكل شيء إلا الانسانية، التي تجرد منها باسم التميز العرقي والديني.
اليوم بات مطلوباً من سلالات المحاربين، الذين يتغنون بالانتصارات وصناعة الحضارات، بأن يقدموا بكل صدق وقناعة، أنهم يعيشون على أنقاذ ملايين القبور الداثرة والمخبأة في كل بقعة في هذه الأرض..
دون ذلك كل ما يقال عن الحضارة والبنيان، مجرد كذبة واهية لا تجد ما يحققها واقعاً، بل ستبقى وصمة عار في جبين هؤلاء، لأن الأباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون.