اليوم يشرب القتلة وذويهم من ذات الكأس، الذي شرب من ملايين السوريين، الذين لا حول لهم ولا قوة، سوى أنهم من المسلمين لا أكثر.. ولا بد من منعهم من المشاركة في قيادة بلدهم وشعبهم توطئة لرسم مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، نزولاً عند رغبة القتلة في مشارق الأرض ومغاربها.
المهم، لقد شهدت العاصمة دمشق وريفها، ومناطق سكن عائلات ضباط النظام السوري في درعا، حركة نزوح واسعة باتجاه الساحل السوري. تزامن ذلك مع نزوح سكان ريف حماة وحمص وحلب، بعد تصاعد العمليات العسكرية التي تقودها “إدارة العمليات المشتركة” ضمن عملية “ردع العدوان”.
ويوم الخميس الماضي، شهد طريق دمشق-اللاذقية حركة نزوح كثيفة نحو الساحل السوري، وسط غياب خطة واضحة من قبل حكومة النظام للتعامل مع هذه الأزمة، التي وصفها بعض سكان اللاذقية بـ”يوم الحشر”.
ويعيش النازحون في ظروف صعبة نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي. تقول تغريد، وهي من سكان منطقة الغاب، لـ”موقع تلفزيون سوريا”: “نزحت من قرية شطحة إلى اللاذقية مع زوجي وأولادي الخمسة وأخيه وأولاده، وعددنا 13 شخصاً، ونقيم حالياً في منزل أقارب لنا لا تتجاوز مساحته 45 متراً مربعاً”.
وتصف الوضع بأنه “مؤلم للغاية”، لافتةً إلى أن سكان الغاب نزحوا باتجاه اللاذقية، حيث اضطر العديد منهم إلى المبيت في الشوارع أو اللجوء إلى المدينة الرياضية، في ظل غياب أي استجابة حكومية من قبل مسؤولي النظام في اللاذقية.
ومع تقدم فصائل المعارضة في عملية “ردع العدوان” التي انطلقت في 27 تشرين الثاني الماضي، نزح عشرات الآلاف من سكان دمشق وريفها، بالإضافة إلى حماة وحمص وحلب، نحو الساحل السوري. وفي حين تمكن بعضهم من العثور على مأوى، وجد آخرون أنفسهم مشرّدين في الطرقات والشوارع.
من جانبه يصف “وليد”، وهو نازح من ريف دمشق، الطريق بأنه كان مزدحماً بأبناء الطائفة العلوية الهاربين من مصير مجهول إلى آخر مجهول. ويتساءل في حديثه: “هل سيبقى الساحل أكثر أمناً من دمشق وريفها؟”.
وقال لموقع تلفزيون سوريا: “الخوف من تطورات المعارك وانسحابات الجيش المتكررة دفع الناس إلى الهرب نحو الساحل، حيث ارتفعت تكلفة النقل من دمشق إلى اللاذقية بشكل كبير، وبلغت 140 ألف ليرة سورية للشخص”.
سكان اللاذقية قلقون أيضاً
ويشترك النازحون في الساحل السوري مع سكان اللاذقية في القلق من تطورات المعارك، نتيجة لانسحاب قوات النظام الذي أثّر على ثقة “المؤيدين” بقدرة الجيش على حمايتهم، وفق ما أكده عدد من سكان اللاذقية لموقع تلفزيون سوريا.
ويعاني النازحون من ارتفاع حاد في أسعار الإيجارات و”اختفاء المنازل المعروضة للإيجار”، كما أكدت شابة تدعى “سندس” نازحة من ريف حمص.
وأضافت: “توجهنا إلى المدينة الرياضية مع أولادي وزوجي لعدم قدرتنا على العثور على منزل للإيجار، سواء بسعر معقول أو غير معقول”.
ويُعتبر “وليد” و”سندس” نموذجان لحوالي 370 ألف شخص نزحوا بعد بدء المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، التي توقعت ارتفاع عدد النازحين إلى 1.5 مليون شخص.
وأعلنت محافظة اللاذقية عن وجود خمسة مراكز إيواء قيد التجهيز، بالإضافة إلى الصالة الرياضية والتي تفتقر إلى الخدمات الأساسية، باستثناء توزيع البطانيات على النازحين، بحسب “سندس”.
وفي ريف طرطوس، توجهت أكثر من ألف عائلة نازحة من حمص وريف حماة إلى منطقة مشتى الحلو، وسط غياب خطة استجابة لتلبية احتياجاتهم. واضطر بعضهم إلى استخدام صالات الكنائس كمراكز استضافة مؤقتة، في انتظار تحرك الجهات التابعة للنظام لتأمين المساعدات الإغاثية.
ويترقب سكان الساحل السوري تطورات المعارك مع اقترابها من مدنهم وقراهم بخوف شديد، رغم التطمينات التي أطلقتها غرفة عمليات “ردع العدوان”، وسط قناعة الغالبية بأن الحل النهائي لا يمكن أن يكون إلا سياسياً.