Culture

ذات يوم كانت النصيحة بجمل

بقلم: إياد مصطفى

هذا ليس مثلاً كما يظن البعض، بل هو نمط حياة عندما كان البشر يتناصحون فيما بينهم، وصاحب النصيحة او كما يقال عنه “العارفة”، كان رجلاً يتصف بطيب الخلق وسعة المعرفة والصدق الامتناهي.. بل كان شجاعاً لا تأخذه في قول الحق لومة لائم.. وكلما تقدم بالسن ازداد بريقاً كما الذهب، أو ما يزيد.

اليوم تحول الناصح عدواً أو مشاكساً أو فظاً أو معارضاً، بنظر الإمارة والوزارة وراكب الحمارة، وأصبحت الرعية لشدة خوفها وجبنها تفض عنه، باعتباره بلاءاً محدقاً ومجالسته قد تجلب الحظ السيء على أقل تقدير..

هذا المشهد عاني منه أبا ذر الغفاري.. وقد عانى مثله الأئمة جميعاً، خاصة الإمام أنس بن مالك، فقصة ضرب الإمام مالك قصة مشهورة مذكورة في كتب الرجال والتواريخ، منها كتاب الحلية لأبي نعيم، وسير أعلام النبلاء للذهبي..

فقد قال صاحب الحلية: حدثنا … قال سمعت أبا داود يقول: ضرب جعفر بن سليمان مالك بن أنس في طلاق المكره، وحكى لي بعض أصحاب ابن وهب عن ابن وهب أن مالكا لما ضرب حلق وحمل على بعير!

فقيل له: ناد على نفسك.

قال: فقال: ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي، وأنا أقول: طلاق المكره ليس بشي، قال: فبلغ جعفر بن سليمان أنه ينادي على نفسه بذلك، فقال: أدركوه أنزلوه،..

وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: ….وعن إسحاق الفروي، وغيره قال: ضرب مالك ونيل منه، وحمل مغشيا عليه. فعن مالك قال: ضربت فيما ضرب فيه سعيد بن المسيب، ومحمد بن المنكدر، وربيعة، ولا خير فيمن لا يؤذى في هذا الأمر.

نحن بدورنا نقول، أن الرجال العظماء لم تثنهم قولة الحق، وأن النصيحة كانت بجمل أو بسياط أو حتى بسيف يجز الرقاب ليس مهماً، فنصيحتنا للقتلة في بلاد العرب خاصة في سورية، أن ارحلوا قبل قدوم الساعة التي لا مفر منها، قد تسلمون على بعض من المال والولد.. فالقادم سيكون ومضة من ومضات جهنم، أو قد ينوف عنها.