Literature

خط الصور المخبأة بقلم من رصاص

بقلم: عبد الكريم محمد

حينما تحضرك الكلمات، رداً على سيل صور كانت قد خبأتها الذاكرة، خطها كما يحلو لك ويشتهي قلم الرصاص أن يعنون تاريخك.. بلا تردد أو خجل..

خطها بلا خوف، كن رابط الجأش.. وامسك بناصية ذاك القلم.. حتى لا تذهب الكلمات سدىً وتموت الصور.. أو تذهب مرة أخرى إلى غياهب النسيان.

اسقطها على الجدار بالأحرف لتعيدها صوراً ناصعة.. أيا يكن أبطالها، فهي تعبر عن صيرورتك الأولى، تعبر عن معركتك مع الحياة، تعبر عن آلامك وآمالك..

عن فرحك وحزنك.. عن عفتك ومجونك.. عن رضاك وغضبك.. عن لحظاتك السوداوية قبل البيضاء.. تعبر عن تفاصيلك عن دواخلك عن وشائج روحك.. تعبر عن تقلبات الأشياء فيك.. وعن لحظاتك الرقشاء.

لا تخف كثيراً، مما يجول في خاطرك أيها المتردد، فالكل يعيش لحظات الخوف والجبن، متلازمة مع لحظات الشجاعة الاستثنائية.. التي تصل أحياناً حدّ الجموح، أو حتى قل؛ حدّ الجنون.

أنت وحدك من يقوى، على إعادة ما خبأه الزمن فيك.. وحدك من يعبر عن ما يجول في خاطره بأبسط الكلمات.. وحدك من يقوى به أنت.. لتصبح جدارية تحمل خبايا آدم وبنيه.

حول المجهول الغافي بين ظهرانيك إلى كائن آخر.. لا تكن خواراً عديم النفع.. حتى لا تغادرك نفسك خجلا ً أو خلسة مما أنت فيه.. لا تقلد العصافير المهاجرة عند آخر الربيع.. بل اجعل من خريف عمرك ربيعاً..

 وتذكر أن العمر رقماً.. وأن الأحياء ليسوا أصدقاء أو أخوة للأموات.. فللأموات العالم الآخر.. ولك الشمس والقمر وزرقة السماء.. وأصل الأشياء..

خط ما يريبك أو يخجلك أول الكلمات.. واجعله عنواناً للصورة الأولى، لا تصدق من قال أن آدم وحواء بلا خطيئة، بل صدق من قال أن أول الحياة كانت من لحظتين، قتل وسفاح لا أكثر..

هكذا قالت لنا كتب التاريخ، قُتل هابيل على يد قابيل، لأن مثل هابيل تحبه بواطن الأرضين لا أكثر.. فجهانة وترك الحوراء.. ملك لذاك الحالم أن يكون أصلاً أو عنواناً للحياة.