Culture

تحقير الذات يبدأ بالقطيعة مع الماضي

بقلم: أيمن أبو هاشم
كاتب ومحامي
تحقير الذات الجماعية يبدأ بالقطيعة مع تاريخها، وإنكار تراثها كعبء مرذول، ونبش سؤال هويتها من العدم، وتطهير ذاكرتها من عناصر اجتماعها، وتأبيد علل ضعفها واستلابها، ونزع الثقة بإرادتها الجمعيّة، كقطعان هائمة لا جامع لها ولا معنى لوجودها.

ولغة التحقير وتعبيراتها الفائضة بجلد الذات وتبخيسها والحط من قدرها، هي مرآة لمن تيبست في عروقهم أمراض الهوان والضعة، فألقوها في وجوه الجماعة التي ينتمون إليها زوراً وبهتاناً، كي يهربوا من حقيقتهم المجبولة على الاستعلاء الفارغ والجدل العقيم.

والمحقّرون للذات الجماعية، أكثر النفوس شعوراً بعقدة النقص أمام الآخر الأجنبيّ، ولذلك تراهم ناقدون بعينٍ واحدة، وحاقدون بقلوبٍ سوداء على أصولهم ومنابتهم وأوطانهم. يقفون على الهشاشة التي تصبغ هويتهم الضائعة، فيصبون الزيت على نار الإسلاموفوبيا، ويسلخون جلد أمتهم ويلعنون ما تبقى من روابطها المعشرية.

لا تفارق اقلامهم وألسنتهم حتمية فشل وهزيمة الشعوب العربية والمشرقية، لأنها عصيّة على وعي قوالب تحضرهم الجاهزة، ولأنهم شبّوا على الأخذ والتبرم من العطاء، يبقى ديدنهم في تحقير كل شيء لزوم الدفاع عن انفسهم كفرقة ناجية بجلدها على حساب تشويه وشيطنة كل فكرة وتجربة وقيمة وأمثولة ومعنى ..