بقلم: عبد الكريم محمد
كثيرة هي التوقعات التي صمت الآذان، ورفعت البنيان وخلقت واقعاً افتراضياً غير ذاك الواقع المعاش.. فمنها ما كان بفعل تسريبات استخبارية، ومنها ما كان بفعل الفلهوة المعهودة، عند منقطعي النظير في مجتمعاتهم..
لكن بعد كل هذا الضجيج التي حملته وسائل الإعلام المأجورة ومن في حكمها، لا بد من القول أن الحقائق المرّة ما تزال ماثلة للعيان، تحمل بين ظهرانيها كل الهواجس والمخاوف، التي يعيشها العالم لحظة بلحظة وساعة تلو الأخرى.
اليوم كما الأمس القريب، انتظار للمتغيرات التي لا يمكن لأحد تجاهلها أو حتى القفز عنها، وإن كثرت الشعارات، الممضة والحالمة كما درجت العادة.
اليوم كما الأمس، يقف العالم على عتبة المتغيرات الكبرى، التي تزف الكثير من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بل والاستراتيجية.. وستكون منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا مجرد رجع صدىً لهذه المتغيرات.. خاصة بأنها ستطال هذه المرّة من يطلقون على أنفسهم بـ”صانعي القرار”.
اليوم يعيش هؤلاء أزمات مركبة كبرى على كل المستويات، لدرجة أنهم باتوا يفتقدون إلى إيجاد مناخ مقنع من شأنه، أن يعيد الثقة لشعوبهم أولاً، قبل ما يقال عن ترتيب الأولويات في مناطق السيطرة والنفوذ ثانياً.
هذه الدول، بعيداً عن التحامل، باتت تفتقد لعقد اجتماعي يحمل أبعاداً انسانية، من شأنه أن يجمع أو يوحد بين تطلعات الفئات والشرائح الاجتماعية، أو يؤسس لبيئة ثقافية قد تهدئ من عظمة المخاوف، التي يعيشها هؤلاء الناس بمعزل عن الأعراق والأصول، التي ينحدرون منها.
المهم بالأمر، العالم بكليته دخل في مرحلة المتغيرات، وهذه المسألة ليس لها علاقة بالأبراج والطوالع والتوقعات ورسائل الدول وأجهزتها المخابراتية، ولا بالأشهر والسنوات الميلادية، المنصرمة أو المعاشة راهناً، بكل ما تحمله من ثقل على الأنفس.. بقدر ما هي أزمات باتت أكبر من الإدارة الدولية القائمة.
لكن السؤال، هل ستعود هذه الإدارة لمفهوم إزكاء نار الحروب لحل الأزمات؟
أم أنها ستجد طريقة كانت قد انتهجنها من ذي قبل، محاولة تصدير الأزمات للخارج ما أمكن؟
على كل حال، أياً تكن الطرق والوسائل التي يمكن أن تتبع أو تعتمد، سنودع وجوهاً ونستقبل وجوهاً أخرى، علّ هذه الطريقة التي يقال عنها بـ”ذر الرماد في العيون”، تؤخر الانفجار الكبير، أو حتى الانهيار الكبير.