Opinions

اليوم عرفنا لماذا تحدى الرشيد الغيمة!!

كنا بالأمس القريب نرى في تحدي هارون الرشيد وهو يمعن النظر إلى السحابة المارة ويقول : أمطري حيث شئت، فسيأتيني خراجك، باعتبار ذلك دلالة على عظمة واتساع الدولة العباسية ، فأي مكان تمطر السحابة سيأتي حصادها وخراجها إلى بيت مال المسلمين.

بل ما تزال هذه الكلمات تنتقل بين الناس كابراً عن كابر، باعتبارها مدعاة للفخر والاعتزاز بالقوة، لكن عندما اكتشفنا متأخرين بعض الشيء، أن هارون الرشيد لم يكن يدرك على ما يبدو، أن السحابة الذاهبة نحو الشرق ستصب في ديار القيصر السلافي لتعود لنا محملة على الجمال قمحاً، لنشتريها بأكياس من الذهب والفضة والمليارات من الدولارات المكدسة ببيت مال المسلمين مجازاً.. وأن السحابة الراحلة نحو الغرب سيرسل لنا خيراتها أخوتنا أبناء العم سام قمحاً وشعيراً على المراكب الشراعية من خلف الأطلسي..

اليوم فقط لنا أن نقول، نحن أمة لا تستحق الاحترام، وإن كثرت بقطعانها الآدمية، ولا تستحق أن تقف بين الأمم لترفع رأسها عالياً، نحن أمة تحكم بأراذلها، بل نحن أمة لا تستحق أن يقال عنها بالمفهوم الحديث لعلم الاجتماع السياسي بأمة، لأنها تفتقد لمفهوم الأمة بالمعنى الحرفي للكلمة..

نحن مجاميع من الانتهازيين، نعيش على قصعة السلاطين لنضرب بسيوفهم، أعناق أشراف الأمة، حتى نبقى مجاميعاً مجوفة بلا ذمة أو ضمير.. لنتحول بعد ذلك إلى قطعان أشبه بقطعان الكلاب الشاردة، نعيش على جنبات مزابل الأمم، التي بالأصل لم تكن بالأمس القريب أمماً.. عندما ما كنا الأمة بما تحمله من معان إنسانية وأخلاقية..