Opinions

النظام في سورية ضد أية ظاهرة مدنية.. والهدف النيل من سورية الوطن والمواطن

بقلم: د. أحمد خليل حمادي

مؤسسات المجتمع المدني في سورية في ظل النظام الطائفي، كانت ملاحقة و مهمشة و منبوذة من السلطة، التي كانت تقمع أي نشاط لا يكون تحت إشرافها المباشر وعينها الأمنية، وتعتبر عدم توفر  ذلك خللا و خرقا لسلطتها، لذا كانت تسهر على منع النشاطات للنوادي والجمعيات الاجتماعية والثقافية.. وفي حال حدوثها تحاصرها وتعاقب القائمين عليها و حتى الحضور.

وكانت أغلب النشاطات العامة بما فيها الثقافية والاجتماعية وحتى الرياضية، حكراً على السلطة الحاكمة أو تحت إشراف ورعاية مسؤول حزبي و تنظيم المنظمات الشعبية والمهنية ولو كان ذلك على مستوى فعالية لجمعية فلاحية.. و لقد حدث معي شخصيا عندما كنت مديرا لثقافة درعا عشرات الأمثلة ومنها راج في محافظة درعا عام ٢٠٠٩ خبر قدوم الدكتور هيثم العودات المناع من فرنسا وعزم البعض تنظيم عدة لقاءات شعبية عامة مع أهالي المحافظة كونه أبنها ، فدعاني المحافظ وبعد تمهيد طلب مني عدم تنفيذ أي نشاط له في جميع المراكز الثقافية..

 وقال بالحرف كل جماعة المجتمع المدني خونة وعلى ارتباط بالخارج، وهذا ليس تقيمي بل تقييم القيادة، وعندما عدت لمكتبي أتصل بي أمين الفرع وملخص اتصاله: بأنه إذا طلب منك القيام بأي نشاط له أو لغيره أطلب منهم مراجعتي و قل لمن يطلب ذلك بأن هكذا أمر مرتبط بفرع الحزب وأمينه احضروا موافقته و لا مانع لدي..

 وما زال هذا الأمر قائما هكذا فلقد اقيم حفل منذ عدة أيام برعاية وزيرة الثقافة السورية وبحضورها وكانت قد وجهت دعوة لفنان فلسطيني يعيش في لبنان ليعزف في الحفل على الغيتار او الكمنجة فبقي في الكواليس يعزف على اضلاعه لمنعه من العزف لعدم وجود موافقة أمنية،  مع العلم بأن دعوته كانت باسم وزيرة الثقافة السورية.

و منظمات المجتمع المدني التي تقوم تمويلا و أهدافا و توجها عاما بأيدي غيورة لمجتمعاتها  في غالبية بلدان العالم التي تحترم نفسها، تسعى لتذليل الصعوبات و حلها و الأخذ بأيدي الآخرين ( الشرائح امستهدفه ) لتحسين ظروف حياتهم و تطوير واقعهم المعاش و تخديمهم بما هو مستطاع للتغلب على صعوبات الحياة المجتمعية والعامة، خاصة إذا كان القائمون عليها ممن يعملون بضميرهم وبكل اجتهاد واخلاص لتحقيق أهداف المنظمة ولا ضير من تلقي الدعم الداخلي ( حكومي، فردي ) او خارجي لتوفير رافعة مالية تمكن منظمة المجتمع المدني من القيام بمشاريعها و برامجها لتنفيذ أهدافها المحددة.

و بعد تفجر الثورة السورية انتشرت مؤسسات و منظمات  المجتمع المدني بشكل كبير منها بضوابط اجتماعية و أخلاقية  و تحترم عادات و تقاليد و أعرف المجتمعات الضيقة التي تنشط فيها و منها لا تتلزم و لا تحترم العادات و التقاليد الاجتماعية السائدة .

و لقد فوجئ و صدم أهلنا في الشمال السوري بمنظمة srd  (منظمة سوريا للإغاثة والتنمية )

 العاملة في الشمال السوري المحرر ( اعزاز، الباب، إدلب ) و برامجها و دوراتها، التي تتعارض مع الأخلاق العامة وقيم وعادات المجتمع ومعتقداته الدينية.. حيث أنتشر فيديو لأحد نشاطاتها أثار استياء وغضب الأهالي صور في أحد مكاتبها يدعو فيه إلى تحرير المرأة وخروجها وتمردها على العادات والتقاليد والروابط الأسرية والمجتمعية والسعي لتعزيز الفردية واشباع الغرائر دون مراعاة أي قيود دينية تحت ذريعة عنوان عريض جذاب هو تحرير المرأة.

 وكأن تحرير المرأة لا يكون إلا بالانحلال الخلقي العام مع تناسي طرف المعادلة الثاني الرجل في اشباع  حاجتيهما الغريزية، و كلاهما الرجل والمرأة يعانون الظروف الصعبة في ظل الحرب، التي فرضها النظام الطائفي المجرم على الشعب السوري.. وجعل المرأة والرجل واطفاهما بحالة تشبه التشرد.. وبواقع معيشي مأساوي نتيجة تدم منزلهما أو مغادرته هربا من الموت شبه المحقق بنيران الاجرام للنظام و سياسة الأرض المحروقة.

 وأيضا أفقدهم مورد رزقهم الذي كانوا عن طريقه يؤمنون متطلبات حياتهم المتنوعة و جعلتم عرضة لنقص حاد في تلبية احتياجاتهم الحياتية و يعانون حر الصيف اللاهب وبرد الشتاء القاسي بقماش خيمتهم التي قد تكون مهترية وممزقة.

نعم لا يوجد عاقل و متفتح و ثوري و غيور على مجتمعه  ضد حرية المرأة فلا حرية للمجتمع والشعب دون حرية المرأة والرجل وجميع مكوناته الجندرية والدينية والقومية والأثنية ، فأي حرية نريد وحرية المرأة جزء من حرية المجموع العام ؟!!!  ولا يمكن تحقيقها إلا بالمناخ العام الشامل للمجتمع والشعب وضمن أخلاقه العامة وتكوينه الثقافي العام وما عدا ذلك فهو كالنفخ في قربة مقطوعةلا جدوى منه ولن يحدث أي أثر إيجابي، فاي حرية نريد ؟

حرية الهدم وتفسيخ وتمزيق الأسرة وروابطها المتينة القائمة على الحب والثقة والتكامل التام والتعاون والإحسان والمودة مما ينعكس على المجتمع تفككا وتمزقا وتعزيز الفردية، بينما نحن أحوج ما نكون للجهد الجماعي الأسري العام للخروج مما نحن فيه من مأسي تتناهشنا ؟

أم نريد حرية الخلاص والبناء والرقي والتقدم وإنبعاث طاقات وقدرات مجتمعنا وشعبنا وافساح المجال لكل فرد لكي يبدع ويطور حياته وحياة مجتمعه دون أي قهر وقيود تحول دون إنتاجه  وإبداعه، البعيد عن تكميم الأفواه و مصادرة أي رأي إيجابي بناء داعي لتحسين حياة الفراد والمجتمع والشعب وتفجر طاقاتهم وقدراتهم وقواهم لتحقيق نقلة وقفزة كبيرة في تطور وتقدم شعبنا؟

نعم هذه هي حريتنا المنشودة، وتأتي بتعزيز الأدوار الاجتماعية لكل مكونات الشعب السوري دون استثناء والقيام بها على أكمل وجه، و منها المرأة التي يجب تعزيز دورها بإعدادها الإعداد اللازم علميا وتربويا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وأسريا كما الرجل.

 و بالعودة للنموذج عن منظمات و مؤسسات المجتمع المدني، منظمة سورياللإغاثة و التنمية نتسأل ما جدوى تركيزها في أنشطتها على المثلية الجنسية وعلى الإجهاض والعلاقات الجنسية المشبوهة و لمرفوضة في مجتمعنا ، وكيف ستغيث الناس بهكذا مفاهيم، إغاثة أم نخر المجتمع و تهديم لأسسه ودعائمه القائم عليها؟

كنا نتمنى ان توجه هذه المنظمة وغيرها نشاطتها لتعليم المرأة والشرائح المستهدفه منهم في الأخذ بيد المرأة لتتعلم وتوسيع مداركها وثقافتها و إقامة الدورات التي تمكنها من التغلب على  صعوبات حياتها وحياة أسرتها وخلق فرص عمل مناسبة مع ما تعلمته مثل الحاسوب او الخياطة او التمريض أو الخط العربي أو الرسم والزهور وحتى ممارسة النشاط الحرفي والتجاري وغيرها و دعمها و تمويلها للقيام بذلك مما يؤدي للأخذ بيدها و يد أسرتها لعلها تساهم في تحسين و شروط حياتها المعاشة و حياة رجلها و اسرتها .

أما النشاطات غير الهادفه لما قدمناه فهي مرفوضة ومستهجنة وغير مقبولة ، وصدق الفيلسوف القائل عن الحياة والأخلاق العامة بأن ما قبل البيىينة ليس ما بعدها.