بقلم: عبد الكريم محمد
بعيداً عن الضرب بالرمل والودع، ومجالس القهوة الصباحية وقراءة الكف مع توأمة الفنجان، النازف دمعاً من على جنباته.. سنشهد في الأيام والأسابيع القادمة العودة إلى الساحات التي ظن البعض أن نيرانها قد انطفأت مع مرور الوقت وتعاقب الأيام..
بل لعلنا لا نبالغ، إذا ما قلنا أن كل الظروف باتت مهيأة للدخول في غمار المعارك الساخنة، التي ستستند إلى استعراض القوة الساحقة، لفرض وقائع ميدانية على الأرض..
بعضهم يرى تليوان هي الساحة الجاثمة على صفيح ساخن.. بينما نرى خلاف ذلك، لأن الساحات العربية مفتوحة، خاصة وانها تمتلك جسماً لكل المقاسات على وجه الأرض.. وأن الداخل على جهوزية عالية، باعتباره أداة طيعة للخارج، المتحكم بصيرورة هذه البلدان حتى النخاع.
المهم، أننا على موعد مع جولة دامية أخرى.. رغم محاولات بعض الدول الإقليمية من التهرب من هذه العملية، خاصة وأنها لا تجد بمثل هذه العمليات الكثير من المنافع الواعدة..
بل أن هذه العمليات ستخفض من سقف المنافع، لزيادة عدد الشركاء المحتملين على أرض الواقع.. بالأضافة للمشكلات التي تعانيها هذه الدول، من تعاظم دور أعدائها التاريخيين، باعتبارهم جزءاً من المشكلة، ناهيك على أنهم يشكلون لها هواجس وحدة الهوية المقلقة على الدوام.
لكن القادم هو الخيار الذي لا بد منه، لأنه بات حاجةً، للدول العظمى ومتنفساً ضرورياً، لجهة تخفيض الاحتقانات المتعاظمة في أحشائها..
حتى الأوروبيين أو بعض منهم، بدأ يرى بضرورة نقل الصراع ضرورة ماسة وملحة، وأنهم مستعدون لدفع الضريبة التي تقع على عاتقهم، لأن الترحيل للصراع من أوروبا إلى الشرق الأوسط، يعيد لها شبكة الأمان القاري على أقل تقدير.
أياً تكن الأقاويل والتكهنات، لا بد من التأكيد، أن صناع القرار سينتقلون من رسم الخطط على الورق، لتصبح قوى ضاربة على الأرض.. وأن تعيس الحظ هو من سيقع عليه الخيار..
رغم أننا نعرف تماماً أن الخيار قد حدد وأن سورية ولبنان وبعض من أطراف الخليج وفلسطين.. كلها ستكون ساحة لاستعراض العضلات ما بين القوى الغاشمة على هذه الأرض.
أما نحن فلا حول ولا قوة لنا سوى الانتظار، أو التحزب لطرف على حساب الطرف الآخر، تبعاً لرؤيتنا وما نجده قد يصب في مصلحتنا الآنية على أقل تقدير.. أي أننا سنودع قتلة ونستقبل قتلة جدداً من أبناء جلدتنا، لأن من يهن يسهل عليه الهوان.. ونحن هو ذاك تماماً.