بقلم: عبد الكريم محمد
بداية قلت لها متسائلاً بشيء من عدم الاكتراث والاهتمام.. عن اللهاث الأمريكي خلف دول لا تمتلك قوة كبيرة قد يعتد بها، خاصة السويد وفنلندا لضمها لحلف الأطلسي؟!!
بل وأكملت أسألتي بأن بعض أعضاء الحلف غير راضين عن دخول السويد كتركيا مثلاً.. وأن المادة العاشرة من معاهدة واشنطن لعام 1949 بشأن إنشاء الناتو، تنص بوضوح على أن الانضمام إلى الناتو يخضع لموافقة جميع أعضاء الناتو؟!!
ضحكت وقالت بوضوح، يا صديقي عندكم قاعدة فقهية عامة، “الضرورات تبيح المحظورات” نحن استندنا بفهمنا الوظيفي على هذه القاعدة، ونبني كل سياساتنا المتعلقة بالاقتصاد والمجتمع والسياسة والربح والخسارة والعلاقات والحرب من عدمها على مقولتكم.. مع الفارق برشاقة وطبيعة ونمط الاستخدام ومعرفة التوقيت في التحرك نحو الهدف المنشود..
ونحن ندرك جيدًا أنه في بعض الأحيان لا بد من الرشاقة في اتخاذ القرارات.. أي أن “المنفعة” السياسية والمصالح العليا أهم وأعلى من روح ونص أي اتفاقيات أو قوانين، وأننا نقوى على تجاوزها عندما نرى أنها ضرورة، لا بد من السير نحوها..
يا صديقي أنت تعلم أو لا تعلم، ليس مهماً، لكن ما يهمني أن الثقة فيما بيننا تدفعي لأقول الحقيقة عندما نتبادل أطراف الحديث.. وأنا أعتقد أن التعاون العسكري بين السويد وحلف شمال الأطلسي واسع للغاية، والانضمام بشكل رسمي إليه ليس إلا إضفاء الشرعية على هذا التعاون، وما يهمنا في هذا التوقيت هو محاولة لجم الروس وتطويقهم جيوسياسياً، للتخفيف من غلوائهم المحموم وغير المبررة، من وجهة نظرنا..
ناهيك أن الروس في وقت سابق وقبل الحرب، والوثائق كلها بحوزتنا، أجابونا عن ما يتعلق بتوسيع الناتو، بأن كل ما يهمهم عدم نشر قواعد عسكرية أو أسلحة نووية، ورفض إجراء أي مناورات عسكرية استفزازية”..
ونحن لم نأت بشيء جديد، بل ما كان يقف عائقاً في وجه سياسة توسيع الناتو أوروبياً، هو تردد هذه الدول الأوروبية، وأن الحرب هي من سرعت باتخاذ مثل هذه الخطوات، باعتبارها باتت مطلباً داخلياً..
يا بنت الحرام، أصحي كمان تكون الحرب دُفعت سعرها مسبقاً للروس، والبازار مفتوح باتجاه رابطة الدول المستقلة وبعض الجمهوريات التي استقلت عن روسيا، إبان فرط عقد حلف وارسو والاتحاد السوفيتي السابق!!
بشيء من الامتعاض، لا تكن ديكارتياً أكثر من ديكارت، فالبشر لا يمكنهم أن يتناسخوا، كما لو أنهم واحداً تماماً.. فأنت وأنا وكل البشرية، أياً نكن، لا يمكننا أن نعيد أنفسنا مرة أخرى في الأخرين..
نحن دائما نبقي خطاً للرجعة ولا نغلق أبواب الدبلوماسية، حتى لو كان الأمر بالنيابة عبر وسيط ذكي ونزيه، وهذه تعرفها عنا الدول التي تدعي عداوتها وكرهها لنا.. ولا أريد أن أعدد هذه الدول، وأنا أدرك أنك تعرف بعضها..