Opinions

العالم يودع مرحلة ليدخل في أخرى.. وأمريكا ستعود خلف الأطلسي

بقلم: عبد الكريم محمد

ليس من قبيل التفاؤل والمواقف الأيديولوجية والسياسية المعلبة، التي يستند إليها البعض في الإفصاح عن مواقفه وقناعاته، اليوم يعيش العالم حالة من الوداع المذعور، ليدخل في مرحلة أخرى غير واضحة المعالم، حتى لطبيعة العلاقات البينية القائمة بين الدول..

أي أنه ما كان يسمى بالأمس قطباً أو مركزاً قيادياً واحداً للعالم، أصبح بكل وضوح في ذمة الماضي، وأن الحرب الأوكرانية – الروسية لم تأت بداية لأزمة أو عرض، بل هي نتيجة حتمية لما كان بقوله البعض، بأن البشرية بمجموعها قد تغيرت وإلى الأبد، ليرد عليهم حمقى السياسة، بأن العالم لم يعد يقبل القسمة على أثنين أو ثلاثة.

هذا التغيّر الهائل جاء نتيجة للتطور التكنولوجي المذهل في وسائل الإيصال والاتصال، الأمر الذي أحدث وعياً متداولاً ومكشوفاً بين كل شعوب الأرض.. أي أن ما كان يقال في الماضي عن المشاريع والوثائق السرية والمخططات والمؤامرات، لم يعد لها مكاناً على الإطلاق، وأن الحركة السياسية بين كل المتآمرين أصبحت مكشوفة تحت عدسات المصورين ووسائل الإعلام..

حتى الرئيس التاجر أواللص أوالعاجز جنسياً والديوث ومعه المعلول صحياً، لم يعد يقوى على التستر على مصائبه، وباتت مفضوحة للقاضي والداني.. وأن أية خطوة يخطوها بايدن أو بوتين أو غيرهم من مجاميع المعينين بالنيابة، لم يعد لها مكاناً للاحترام في العقل الجمعي الإنساني..

وأصبحت الوثائق السرية والاتفاقات السرية، مجرد كذية ممجوجة، حتى كذبة الاقتصاد وأسواق المال والأسهم والغنى والفقر، كلها عادت لتستظل بجزمة مزارع القمح والرز والحاجات الأساسية، وكل ما كان يشاع عن التطور الاقتصادي لم يتعد أخلاقية الوسيط والسمسار وتاجر المفرق.

المهم ما كان بسمى بالأمس القريب دولاً عظمى، اليوم تعيش حالة من قلة الحيلة وسنشهد سقوطاً مدوياً، لكل هذه الأوهام والهياكل الكرتونية، التي عجزت عن بناء قاعدة صلبة لعقد اجتماعي في مجتمعاتها، والتي كان يمكنها التخفيف من دوي السقوط.