بقلم: أ. حسن فياض
وريقيات النعناع الأخضر التي قطفتها للتو وفردتها على الجريدة أمامي كانت كافية لتوقظ حنيني، تُمسك بذاكرتي وتأخذ بها إلى ماصار قصيّاً.
إلى أفق مفتوح على سماء تَسبحُ فيها شمس ساطعة، تبثُ نورها ودفئها لكل الكائنات الحية.
إلى كرنفال الطبيعة الكبير في إكتمال بهائها، إلى هضاب وتلال خضراء لطالما قصدتها قاطعاً مسافات طويلة جدآ سيراً على الأقدام دون شعور بالتعب أو الارهاق.
لاموبايل ولا إشارات إرسال أو استقبال كنت أخضع بكلي لكل نداءاتها، متأملاً حُسنها، جمالها البديع الظاهر والدفين، عرائس العشب الأخضر الندي، النجيل وصنوف شتى من النباتات والحشائش.
بهاء الأخضر في الزعتر البرّي الذي توشحت به سفوح الهضاب، بكر رائحته التي تعبق بالمكان والملابس، طيوف آلوان الزهر وارتعاشاته ، تسابيح وترانيم وتغاريد الطيور البرّية.
احنو على أرنب صغير جفلت أُمّه، فخرج من وكره عند أسفل جذع بلانة كبيرة، أُرفق به أُطعمه واسقيه وابتعد على عجل ليتسن لها العودة ويطمئن قلبها.
أُشفقُ على بطئ سلحفاة ظهرت أمامي فجأةً فأحملها إلى مكان افترض أنها تقصده.
هناك فرح الرعاة قطعانهم، ثغاء خرافهم الوليدة، بساطتهم وفطرتهم كرمهم حكاويهم التي لا املُّ من سماعها.
تركتُ هناك جوقة صدى أصوات جميلة لكائنات كثيرة، هدوء الروح وراحة البال، فطرتي الأولى وبساطة حياة.