Opinions

الحرب ستأخذ أكثر من منحى

بقلم: عبد الكريم محمد

اليوم وبعد ما يقارب من 80 سنة مضت، أحيا البولنديون ذكرى تاريخ مذبحة الأحد الدامي، التي وقعت بين عامي 1942 و1945 والتي لاتزال تمثل نقطة خلاف بين الدولتين، وتاريخاً “أسوداً” بالنسبة لأوكرانيا.

ويقول المؤرخون، نقلا عن روايات شهود وناجين، إن أكثر من 100 ألف بولندي، بمن فيهم النساء وحتى أصغر الأطفال، قتلوا على أيدي جيرانهم الأوكرانيين، في حملة قومية في مناطق كانت في ذلك الوقت في جنوب شرق بولندا، ومعظمها بقع في أوكرانيا الآن.

وجاءت ذروة أعمال العنف في 11 يوليو 1943، المعروفة باسم “الأحد الدامي”، عندما نفذ مقاتلون يتبعون منظمة قوميين أوكرانيين هجمات منسقة على البولنديين الذين يصلون أو يغادرون الكنائس في أكثر من 100 قرية، ولا سيما في منطقة فولهينيا.

هذا التاريخ المليئ بالاحزان والعذابات لا يمكن لأحد أن ينساه، وأن العداوة ستبقى تتناسل أياً تكن ضحالة وسطحية ذاكرة الأحياء.. ولعل ما قاله الرئيس البولوني “أندريه دودا”، ورئيس الوزراء ماتيوش مورافيتسكي خلال الاحتفال بهذه الذكرى، إن هذا هو أفضل توقيت لإدانة قتل الأوكرانيين للمدنيين البولنديين، أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، وبناء مقابر مناسبة تكريما لهم.

هذا هو التعبير الحقيقي الذي يحمله بقايا الأحياء من البولنديين.. الذين ينتظرون اللحظة المناسبة لسقوط أوكرانيا، لتكون اللحظة الفارقة بالنسبة لهم للانقضاض والتقدم نحو مناطقهم التي طردوا منها بفعل المذابح.. والتي تقع في الشمال الأوكراني.

ولعل، ما يقال عن بولندا اليوم بأنها من بين أقوى حلفاء أوكرانيا في تصديها للعملية العسكرية الروسية، تأتي خطوة في الاتجاه الصحيح بالنسبة لهم، خاصة وأنهم يقولون بكل وضوح، إن “أوكرانيا تقاتل أيضا من أجل صالح بولندا”.

وقد ظهر ذلك جلياً في استقبال ملايين اللاجئين الأوكرانيين، لتكون بولندا مأوى لهم منذ الحرب الروسية في 24 فبراير الماضي، كما تقدم بولندا الدعم السياسي والأسلحة، وتفتح الطرق أمام صادرات أوكرانيا، خاصة الحبوب.

هذا السلوك لا يمكن لعاقل أن يعتبره، موقفاً من دون أهداف ونوايا بعيدة، ففي ذات اللحظة التي تنتهي الحرب الأوكرانية – الروسية، بعد آخر مقاتل في أوكرانيا وآخر مكمن قوة في روسيا، سيكون يوم الأحد الدامي عنوان الثأر البولندي، الذي لا يمكن أن يموت بفعل عامل الوقت أو تقادم الأزمنة..