بقلم: عبد الكريم محمد
كثير من الناس يظنون أن بإمكانهم تغيير حقائق التاريخ، بتحريف بعض الجمل عبر كلمات منمقة.. فيما يذهب بعضهم ليعطي التاريخ صفة القدسية باعتباره منحة لهم من السماء.
فالتاريخ هو حلقات مترابطة من الأحداث يصنعه الناس، انطلاقاً من القيم والأهداف التي يحملونها.. ولم يكن صنيعة الخالق في خلقه.. بل لعل التاريخ ليس قدراً، ولو كان قدراً حقاً، وجب علينا أن نقدس الحروب والقتلة والمجرمين وكل أنواع الشرور على هذه الأرض، بل وكل أنواع الاحتلالات الغاشمة.. ونعطيهم صفة القدسية، باعتبارهم قدراً وحسب.
المهم بالأمر، أن التلفيق لا يمكنه أن يصنع الحقائق التاريخية لتصبح فيما بعد واقعاً جديداً أو قيماً جديدة للبشر، ولا يمكنه أن يفرض نتائجة الآنية، لتصبح فيما بعد حقائقاً سرمدية إلى ما لا نهاية.. وأن المطلوب ممن وقع عليهم المظلمة التاريخية الاستسلام للوقائع المستجدة، انطلاقاً من مقولة:” ليس بالإمكان أفضل مما كان”.. أو بفعل الأمر الواقع.
قد تمرر على البعض جزء من المقولات الدهرية، التي يستند إليها الدهريون، لكن ستبقى هذه المقولات واهنة ليس لها ما يحققها واقعاً، وأن الأجيال المتلاحقة وحدها القادرة على تصحيح مسار التاريخ..
رغم أننا نعرف جيداً أن قوة الشر أكبر من قوة الخير.. لكن ومضة الخير، التي تظهر وتخبو بين الحين والآخر، أقوى من كل قوى الشر في تلك اللحظة.. ومن شأنها أن تطيح بكل الأدران والأوساخ التي جاءت بها قوى الشر.
ما دفعني لكتابة هذا الكلام الركيك كتابةً ومعرفةً، هو حديث دار بيني وبين أحد كتاب التاريخ من غير العرب، معتبراً أن ما يحققه الأقوياء بفعل القوة، سيصبح فيما بعد ثقافة يتغنى بها الناس باعتبارها منطقاً حضارياً جديداً.. يقوم على أنقاض الحضارات البائدة..
سألته لحظتها هل لأهلك ديانة أو تراث أو عقيدة يتغنون بها؟
أجابني نعم.
وهل لك أن تعطيني تاريخ ظهور عقيدتهم وفي أي حقبة من الزمن؟
قال منذ آلاف السنين.
ختمت حديثي الطويل معه، كل هؤلاء البشر يا صديقي، لهم نفس تاريخ عقيدتك ويزيد، وأتباع عقائدهم أكثر من أتباع عقيدتك بمئات الملايين.. على رسلك يا صديقي فالقادم، لن يصب في مصلحتك أو مصلحة من يفكرون بذات الطريقة التي تفكر بها.. بل هذا هو الجنون عينه.