International Politics

البارحة كانت أفغانستان واليوم مالي.. هل أصبح العالم أكثر عقلانية؟

بقلم: إياد مصطفى

فرنسا تستعد لإنهاء عملية برخان في مالي وإعادة نصف جنودها.. هل ستصل كل دول العالم لقناعة نهائية، أن إردة الشعوب وخياراتها الاجتماعية في بلادها  هي العامل الحاسم، بل هي الأهم من الاستراتيجيات الجهنمية التي يراها الخارج.. والمتمثلة في نهب خيرات الشعوب والأمم والعمل على ديمومة التحكم في مصائرها!!

تماماً كما جرى بالأمس مع الأمريكان في أفغانستان، اليوم وبعد ثماني سنوات من القتال ضد ما يسمى بالقاموس السياسي – الأمني الفرنسي بالتنظيمات المتطرفة في مالي، تستعد فرنسا لإنهاء “عملية برخان” وإعادة حوالي نصف جنودها تدريجيا.

هذا القرار بقدر ما شكل صدمة للحكومة المالية التي اعتبرته على لسان رئيس وزراءها تشوغويل كوكالا مايغا، تخليا عن باماكو في منتصف الطريق، ليرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنها اتهامات “مخزية”. ليكون أول غيث الفشل قطرة في سياسات فرنسا في أفريقيا وغيرها.

ليظهر جلياً فيما بعد بسيل التصريحات، التي عبرت عن حدة التوتر والخلاف بين البلدين في الأيام الأخيرة، التي كان آخرها تصريحات للرئيس الفرنسي، استدعت على إثرها وزارة الخارجية المالية سفير فرنسا في باماكو للاحتجاج على ما أسمته بـ”التصريحات غير الودية والمهينة” لماكرون الذي دعا إلى “عودة الدولة” في مالي.

وعلى ما يبدو أن بنية التفكير في العقل الغربي، جاهزة لكيل الاتهامات للأصدقاء فبل الأعداء عندما يواجههم الفشل الذريع في تحقيق أهدافهم، ففرنسا اليوم تلوذ بالقول اتهاماً لحلفاء الأمس، إن ما تغير في العلاقات الفرنسية – المالية هو القيادة السياسية المالية الجديدة، فتشوغويل مايغا كان دائما معاديا لفرنسا قبل أن يصبح رئيس وزراء واليوم أصبح أكثر تطلبا. وما جاء في خطابه من على منبر الأمم المتحدة، لا يمثل العديد من أعضاء حكومته ولا رئيس المجلس العسكري الانتقالي”.

وأنها تكيل الاتهامات للقيادة المالية، وتحمل  أسباب نشوب هذا التوتر معها، هو سعي الحكومة المالية لفتح حوار ووساطة مع المجموعات المتطرفة كما فعلت بوركينافاسو. عكس النيجر وتشاد، اللتان ترفضان منح المتطرفين أي فرصة، ما يجعل علاقتهما جيدة مع باريس”.

نفهم من ذلك، أن الدول الغربية، لا يهمها بسط الأمن والسلم الأهلي وحالة الاستقرار في مجتمعات الدول النامية والضعيفة، بقدر ما يهمها تصنيف المجتمعات على المستوى الداخلي ما بين متطرف وإرهابي وموالي، ليتسنى لها ديمومة نهب هذه الشعوب، في ظل حالة من الصراعات الداخلية المدعومة من الخارج أصلاً.

على كل، سيقلع العالم الغربي وعن قريب رغماً عن أنفه، في الاعتماد على العصابات العسكرية المسماة بالحكومات العسكرية المؤقتة أو الانتقالية، وسيخضع لإرادة الشعوب المتمثلة بالتوق نحو بناء مجتمعاتها..

وأن أضعف حلقة في معادلة الصراع ما بين الشمال والجنوب، هو الشمال المدجج بكل أنواع اسلحة القتل، والجنوب الولاد، الذي يسعى لانعتاقه من ربق وزيف الساسات الاستعمارية بكل أشكالها المقرفة والمقززة.