ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، اليوم الثلاثاء، أن أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم، والتي تجري محادثات مع الصين بشأن عقود مسعرة باليوان منذ ست سنوات، تحاول التعجيل بالمفاوضات.
وتسعّر السعودية النفط بالدولار منذ عام 1974، في صفقة مع إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون تضمنت ضمانات أمنية للمملكة. وتشتري الصين أكثر من 25% من النفط الذي تصدره السعودية، وإذا تم تسعيره باليوان، فإن هذه المبيعات ستعزز مكانة العملة الصينية.
بعد صدور هذا التقرير محا اليوان خسائره السابقة في التعاملات خارج البر الرئيسي الصيني، ومع ذلك قال مستثمرون من شركات استثمار مختلفة إن هذه الأخبار لا تغير إلا قليلا بالنسبة لوضع الدولار كعملة احتياط في العالم، وفقا لتقرير لوكالة “بلومبيرغ”.
من جانبه قال غيوم تريسكا، كبير محللي الأسواق الناشئة لدى “جنرالي إنشورانس أسيت مانجمنت” في باريس: “لا أعرف ما إذا كان هذا حقيقيا حقا”.
وأضاف: “يحدث ذلك في وقت يتحرك فيه النظام الجيوسياسي، ويحاول السعوديون اللعب بما يستطيعون، إنها مجرد إشارة تم إرسالها إلى الولايات المتحدة بأنهم يريدون المزيد من الاهتمام”.
لطالما كان الدولار هو العملة الأساسية لتسعير عقود الطاقة حول العالم، ما أدى إلى زيادة أهمية العملة الخضراء وتعزيز النفوذ الجيوسياسي لواشنطن.
ومع ذلك، وبفرض عقوبات الولايات المتحدة وحلفائها على روسيا التي تقيد المدفوعات بالدولار وتحرم موسكو من نصف احتياطياتها الأجنبية، تعيد الدول الأخرى النظر في علاقاتها مع العملة، بحسب التقرير
من جهته أخبر ويتولد باهريك، كبير محللي الاقتصاد الكلي في شركة “نورديا” ومقرها كوبنهاغن، الوكالة بأنه “خلال السنوات القليلة الماضية، كانت هناك محاولات عديدة فاشلة للدعوة إلى انهيار الدولار. نعتقد أن هذه مجرد محاولة أخرى من هذه المحاولات الفاشلة”.
يتزايد استخدام اليوان الدولي، لكنه لا يزال ضئيلا. توترت علاقات المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة منذ انتخاب جو بايدن رئيسًا مع وعده بتحويل المملكة إلى “دولة منبوذة” بسبب مقتل جمال خاشقجي عام 2018.
رفضت السعودية ادعاءات الجانب الأمريكي بشأن واقعة القتل، واعتبرت أن التقرير تقرير الاستخبارات المركزية الذي قال إن ولي العهد “وافق على اغتيال الكاتب”، تضمن “استنتاجات غير صحيحة” عن قيادة المملكة ولا يمكن قبولها”، مؤكدة استنكار السعودية لجريمة مقتل جمال خاشقجي.
وتشمل مجالات التوتر الأخرى تدخل السعوديين في الحرب الأهلية اليمنية ومحاولات إدارة بايدن إحياء الاتفاق النووي الإيراني.
قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلة “ذي أتلانتيك” هذا الشهر، إنه “لا يهتم”، ردا على سؤال عما إذا كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يسيء فهم أمور تخصه.
ومع ذلك، هناك سبب آخر للاعتقاد بأن السعوديين غير جادين في مساعهم بشأن اليوان، وهو ارتباط الريال بالدولار، لذا فإن أي ضعف محتمل في العملة الأمريكية سيرتد مرة أخرى إلى المملكة.
لقد حمى ربط العملة البلاد من تقلب الأسعار وسمح لبنكها المركزي بتكديس الاحتياطيات، ولذلك يشك بعض المستثمرين في أن الدولة ستبتعد عن تلك الأداة، بحسب تقرير “بلومبيرغ”.
ومع ذلك، جعلت الصين تدويل اليوان أولوية قصوى، وسعت دول من بينها روسيا والهند والسعودية إلى تضمين المدفوعات غير الدولارية في أنظمتها المالية لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة.
لقد جلبت عقوبات هذا العام على روسيا، والتداعيات الاقتصادية المحتملة الناجمة، إحساسا جديدا بالإلحاح بين تلك الدول للابتعاد عن الدولار، وفقا لبعض الاستراتيجيين.
وقال كان نازلي، مدير الأصول لدى “نويبرجر بيرمان” في لاهاي بهولندا: “من المحتمل أن أولئك الذين يتاجرون مع روسيا يبحثون عن بعض خطط الطوارئ إذا امتدت العقوبات لتشمل جميع المدفوعات، خاصة أن الهند أو السعودية لن يكون لديهما نفس المستوى من التنسيق مع واشنطن مثل الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا”.
يتوقع معظم المستثمرين أن مثل هذه المحاولات للتخلي عن الدولار ستكون ثانوية، ومع ذلك، وبمرور الوقت، يمكن أن تؤدي إلى نظام مالي بديل يستحوذ على حصة محدودة من السوق.
وقال ماثيو ويلر، رئيس الأبحاث العالمي في “فوريكس دوت كوم”: “بعد سنوات عدة على هذا الطريق، قد نرى نظامين ماليين متوازيين على مستوى العالم، لكن هذه الخطوة من قبل السعودية وحدها ليست لحظة فاصلة للوصول إلى هناك، هذا ليس تغيير لقواعد اللعب”. المصدر: وكالات