
تفاجأ المراقبون في لبنان صباح أمس السبت، بالخبر الذي صدر عن الوكالة الوطنية للاعلام ونصّه “غادر المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بيروت، على متن طائرة اميركية خاصة، متوجها الى واشنطن في زيارة رسمية يلتقي خلالها كبار المسؤولين في الادارة الاميركية”.
وقد ظهر جلياً أن واشنطن، هي التي طلبت لقاء اللواء ابراهيم على عجل، وارسلت طائرة خاصة اميركية لضمان سرعة مجيئه، فما هو الموضوع العاجل الذي استجد ويستوجب هذه السرعة في حضور مدير عام الامن العام اللبناني المقرب من قيادة حزب الله الى العاصمة الاميركية، وذلك بعد اسبوع من اجراء الانتخابات النيابية في لبنان؟
رسالتان: لبنانية وسورية
فقد سرب عن قصد اللواء عباس ابراهيم الطلب الاميركي المستعجل، والمتعلق في امرين، الاول رسالة الى حزب الله المتوتر على خلفية النتائج غير المرضية في الانتخابات النيابية والتي افقدته وحلفائه الاكثرية النيابية، ومفادها حثه على التعاون وعدم عرقلة تشكيل حكومة جديدة مقابل عدم فرض عقوبات جديدة قاسية عليه، وهناك عرض لحزب الله ان يرضخ لشروط صندوق النقد والمبادرة الفرنسية مقابل وقف محاصرته”.
اما الرسالة الثانية، بحسب المعلومات، فهي ايضا لحزب الله ومن خلفه ايران ولكنها سورية، وفحواها ان يتوقف حزب الله ومليشيا “الدفاع الشعبي” عن تسلم المواقع التي يخليها الجيش الروسي في سوريا، لان ” الدفاع الشعبي” هي ميليشيا يدربها ويسلحها حزب الله، ويبدو ان روسيا وايران، تتوافقان في سوريا على القيام بهذه الخطوة التصعيدية، كضغط على اميركا واسرائيل من قبل روسيا الجريحة في اوكرانيا”.
والجدير ذكره ان الرئيس السوري بشار الاسد، كان تعهد اثناء زيارته للامارات قبل شهرين، ان الانسحاب الروسي اذا حدث سيملأ فراغه الجيش السوري، كرسالة حسن نية لطمأنة اسرائيل كي توقف ضرباتها لسوريا، ثم عندما زار الأسد طهران بعد اسابيع والتقى المرشد السيد علي خامنئي، ابلغه انه مضطر ان يتقارب مع الامارات والخليج، من اجل فتح خط ائتمان لاعادة اعمار سوريا، ولكن هذا لن يكون دون تخفيف الوجود الايراني في سوريا، كمان ان جيشه سوف يملأ فراغ الانسحاب الروسي، وبالتالي طلب من المرشد ان يدعم خياره وتوجهه الجديد من اجل تنفيذ الشرط العربي والدولي وهو “انسحاب القوات الاجنبية من سوريا كشرط لاعادة الاعمار”.
افشال مبادرة الاسد
ولكن ما جرى لاحقا هو عكس تمنيات الاسد، ويبدو ان الروس والايرانيين ومعهم حزب الله، توافقوا على افشال مبادرة الرئيس السوري، وعلى اعادة استخدام الساحة السورية للضغط على الاميركيين والاسرائيليين، في ظل الانسداد السياسي الحاصل على الجبهة الروسية الاوكرانية والذي يزيد من النزيف الروسي في اوروبا، وكذلك من اجل تحصيل ايران لمكاسب على هامش اللمسات الاخيرة للاتفاق النووي المفترض انجازه وتوقيعه في فيينا قريبا.
فقد اظهرت الوقائع ان الانسحاب الروسي التدريجي من سوريا الذي بدأ قبل اسبوعين، يملأ فراغها ايران حزب الله ومليشيات ايران، فقام الاسرائيليون بمضاعفة هجماتهم الجوية مستهدفين تلك المواقع في سوريا، وبلغ التصعيد ذروته اول امس، مع استهداف عشرات المواقع في اللاذقة وحمص ومطار، فاطلقت دفاعات جوية روسية صاروخ “اس 300 ” حسبما نقلت الوكالات وهو ما اثار مخاوف واشنطن، ان يكون ما يحصل مقدمة لانفجار عسكري في المنطقة بتحريض روسي وموافقة ايرانية.
وبذلك، بحسب المعلومات، فان” الرسالة المزدوجة التي سوف يحملها اللواء ابراهيم الى حزب الله وايران، هي تحذيرية الى حزب الله وايران بتخفيف الضغط على الساحة اللبنانية بعد الانتخابات، وعدم عودة حزب الله الى الانغماس والتدخل في سوريا كطلب واستدراج من روسيا هذه المرة “المحشورة” في اوكرانيا، لان اسرائيل اذا شعرت بالخطر فانها قد تقوم بتصعيد عسكري يخلط الاوراق في المنطقة، بما يشكل خطرا حقيقيا على التوازن المعمول به حاليا، ويضع حزب الله مباشرة بمواجهة اسرائيل”.
المصدر: إعلام اللبناني+خليجي