ابتكر فني مختبر، الذي تحول إلى مصور فوتوغرافي علمي، كاميرا تتيح النظر داخل الصندوق الأسود لجهاز الطرد المركزي في أثناء قيامه بتدوير عيناته.
والتقط الفني مقاطع فيديو مذهلة، والأهم من ذلك، أنها تُظهر ديناميكيات سلسة بمستوى من التفاصيل لم نشهده من قبل، وذلك من خلال مقال علمي تم نشره في مجلة “ساينس أليرت” العلمية.
قام المخترع الهولندي، موريس ميكرز، بتوجيه كاميرته نحو السوائل المألوفة مثل القهوة والعصائر والصلصة الحارة، لكن كاميرا الطرد المركزية يمكن أن تحتوي على جميع أنواع التطبيقات البحثية، من دراسة الفيزياء وعلم الوراثة، إلى الغذاء، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وغير ذلك الكثير.
قبل متابعة التصوير الفوتوغرافي العلمي، عمل ميكرز كفني مختبر في المعهد الوطني الهولندي للصحة العامة والبيئة، حيث شارك في تشخيص الطفيليات.
هناك، استخدم ميكرز جهاز طرد مركزي مرات لا تحصى، لكن ما حدث داخل الجهاز ظل لغزًا للصندوق الأسود، وهو اللغز الذي أراد المصور بداخله دائمًا الاطلاع عليه.
وذكر ميكرز أنه “خلال العمل في المختبر، لم يكن لدي سوى معرفة بصرية بعينة ما قبل الطرد المركزي وعينة ما بعد الطرد المركزي “.
وأضاف أيضا: “لقد كنت أعرف ما تنطوي عليه العملية من الناحية النظرية، من خلال الرسوم التوضيحية والرسوم المتحركة العلمية، ومع ذلك، فقد تم تضمين عرضا حيا لعملية الفصل لم أره من قبل”.
ولالتقاط هذه الصورة بنفسه، اجتهد ميكرز لعدة أشهر، مكافحًا المشكلات التقنية التي تنشأ عندما تحاول تركيب كاميرا رقمية على آلة تدور بسرعة كبيرة بحيث تنتج قوى أقوى 2500 مرة من جاذبية سطح الأرض، والتي لا تؤثر بالطبع على العينة فقط، ولكن أيضًا معدات التسجيل نفسها.
تعمل أجهزة الطرد المركزي عن طريق تدوير السوائل بسرعة تخلق قوى طرد مركزية مكثفة، الطبقات الأبعد من منتصف جهاز الطرد المركزي تتعرض لقوة طرد مركزي أكثر تطرفًا من تلك الأقرب إلى الوسط، لأن الدائرة التي تصنعها في دورة واحدة أكبر بكثير.
يؤثر هذا على الجزيئات الموجودة في السائل بشكل مختلف، اعتمادًا على كثافتها، ما يتسبب في فصل المكونات إلى طبقات معزولة، مع سحب المادة الأكثر كثافة إلى النقطة الخارجية.
تشتهر هذه التقنية بشكل خاص باستخدامها لفصل عينة الدم إلى خلايا دم حمراء وخلايا دم بيضاء وصفائح دموية وبلازما، إما للتحليل أو التبرع.
تعتبر هذه التقنية التي تبدو بسيطة أساسية لجميع التحليلات والأبحاث الجينية تقريبًا، بدءًا من رسم خرائط جينومات الأنواع وحتى اكتشاف الفيروسات والطفيليات والبكتيريا في جسم الإنسان، وحتى تحديد الرموز التي تحدد سماتنا الجسدية وحتى تعديلها.