Politics

أوكرانيا.. لم تعد الحرب خاطفة والانتصارات سريعة

بقلم: عبد الكريم محمد

بمعزل عن من وقف داعماً لهذه الحرب، وعن ماهية الأهداف التي نشبت لأجلها، ثمة أشياء لا بد من تبيانها، لما ستحمله معها من تداعيات، ليس على المحيط الجغرافي وحسب، بل وعلى العالم أجمع.

هؤلاء اقصد بوتن ومن دفع من خلف المحيطات لدعم هذه الحرب، ساورهم الظن، من خلال التقديرات والتقارير الاستخبارية، أن الحكومة او إذا شئت الشعب والجيش الأوكراني، سيستسلم خلال ثلاثة أيام لا أكثر.. ليتم بعدها رسم السياسات الجاهزة والمعدة والمتفق عليها سلفاً..

وما على الأوروبيين إلا ابتلاع الطعم المعد، والرضى بمشروع إلحاق أوروبا على الأجندة الجديدة.. بعيداً عن إعادة ترسيم الخرائط، المهم القبول بالاستراتيجيات الجديدة، وتوزيع الأدوار، كمن يوزع هدايا العيد على جماجم الموتى في المقابر.

الأوكران من جانبهم استوعبوا الضربة الأولى، لقوة التدمير الروسية الغاشمة، وفاجئوا باستيعابهم ومقاومتهم الشرسة، أولئك الجالسين بالمكاتب الفارهة خلف البحار، وبيهم الخط الساخن ينتظرون إعلان الهزيمة الأوكرانية، لتعقد الجلسة الطارئة في مجلس الأمن، مصدرة قرارها بضرورة الحكومة الانتقالية، وتسيير المساعدات الإنسانية، التي سيتحمل وزرها كل من قيدت ضده المؤامرة الكبرى.

ليس بالفم ماء، لحظتها ستلقن أمريكا كل من سولت له نفسه من الشركاء الأوربيين درساً بالانضباط، وعدم التفكير للحظة بالمساس بتركيبة حلف شمال الأطلسي، وبناء قوة أوروبية موحدة، ومنظومة أمنية واقتصادية تؤسس لدور أوروبي، خارج لعبة الروس والأمريكان.

ويكون الشاطر بوتن لحظتها قد جعل من بحر آزوف بحيرة روسية خالصة، وأعاد اخضاع دول أوروبا الشرقية عبر توافقات شكلانية إلى بيت الطاعة الروسي.

هذا المشروع على ما يبدو قد ولى، خاصة وأن بريطانيا رأس الحلف الأنكلوسكسوني، شعرت بشيء من المؤامرة عليها، ناهيك عن المواقف الأخرى لفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية، وهنا أقصد تركيا والصين والجمهوريات الناطقة بالتركية.

اليوم ترسمت الحرب في أوكرانيا، ولن تحط أوزارها، وانتقلت من حرب الجيوش الكلاسيكية، إلى ما يشبه الحرب الشعبية، وكأن فيتنام وأفغانستان  والعراق وغيرها مثل سورية، قد ولدت من جديد، لكن هذه المرة من الرحم الأوروبي ..

لم يعد التسويف نافعاً، فالمتآمر بات مضطراً لركوب الموجة، أو الفضيحة التي ستودي به خلف المحيطات، والأداة تنتظر ثورة داخلية تجعل من موسكو ساحة نازفة، لتصبح الساحة الحمراء اسماً على مسمى.. وسيذهب بوتين ومن معه إلى ذمة الله، أو إلى الجحيم، لأن الانتصار لكليهما، أما الانكسار لمن يقع عليه سيفه، والأقلام المأجورة جاهزة لكتابة التاريخ الملوث بأحرف “حبره من دماء المهزومين”..

بموازاة ذلك، سألت أحدهم بطيب خاطر، بعيداً عن عقلية المؤامرة، أين سيذهب بوتين، بعد الصدمة الكبرى التي لحقت به، وبعد أن تبدأ التحركات الشعبية غير السلمية في روسيا.. قال لي إذا ما وجدته بعد ذلك إلق عليه السلام، أو وردة صفراء على قبر وهمي، كتب عليه هذا مرقد الرفيق بوتين.. أومن هنا مرت جحافل المغفلين.