
حذر رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية الأسبق أهارون باراك، من أن تنزلق إسرائيل نحو حرب أهلية بسبب تفاقم الانقسامات الداخلية.
وشدد أهارون باراك خلال مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية على ضرورة منع استبداد الأغلبية.
ودعا رئيس المحكمة العليا المتقاعد إلى السعي إلى التوصل إلى اتفاقيات.
وجاءت تصريحاته في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة الإسرائيلية للموافقة على إقالة رئيس جهاز الشاباك رونين بار رغم أن الجهاز يحقق حاليا في قضية “قطر غيت”، التي تورط فيها أعضاء في حكومة نتنياهو.
وأضاف باراك: “المشكلة الرئيسية للمجتمع الإسرائيلي هي الجبهة الثامنة وهي الشرخ الحاد بين الإسرائيليين أنفسهم.. هذا الخلاف يتفاقم وأخشى أن تكون نهايته مثل قطار خرج عن القضبان وينحدر إلى الهاوية ويؤدي إلى حرب أهلية”.
تجدر الإشارة إلى أن باراك حاول مؤخرا مرة أخرى فحص إمكانية التوصل إلى صفقة إقرار بالذنب في قضايا نتنياهو، وقال في المقابلة “أعتقد أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق”.
وعلى مدى سنوات، كان باراك صديقا لنتنياهو وكان يشيد بولائه وإخلاصه لسيادة القانون، وعندما سُئل عما حدث له أجاب باراك: “لا أعرف.. أستطيع تحليل أفعاله لكنني لا أستطيع تحليل ما يدور في ذهنه.. في هذه الأثناء، كل ما نحتاجه هو منع استبداد الأغلبية التي تستغل سلطتها باسم الأصوات التي تملكها”.
وتابع باراك قائلا: “يجب أن نسعى جاهدين للتوصل إلى اتفاق بين الأحزاب المتشددة.. المشكلة هي أنه في المجتمع الإسرائيلي لا يوجد سعي للاتفاق بل استخدام القوة فقط.. الحكومة تقول نحن ائتلاف من 64 مقعدا لذا يمكننا إقالة رئيس الشاباك، والمستشارة القضائية للحكومة وتعيين مفوض شكاوى القضاة من خلفية سياسية.. يجب وقف هذه الممارسات فورا”.
وأضاف أن “إقالة المستشارة القضائية للحكومة غير قانونية وفقا للمعايير التي حددتها “لجنة شمغار” فقد أدت عملها بأفضل شكل، ووافقت على معظم قرارات الحكومة، واعترضت فقط على حالات نادرة.. وظيفتها تتمثل في توضيح ما هو قانوني وما هو غير قانوني وعزلها سيشكل ضربة قاسية لمنظومة العدالة ولحقوق المواطنين”.
فيما يتعلق بعزم الحكومة إقالة رئيس جهاز الشاباك، شدد باراك على أن “الحكومة تمتلك سلطة عزله بموجب قانون الجهاز، لكن السؤال هو ما الأسباب الحقيقية وراء القرار؟ الادعاء بأن الثقة به قد تلاشت ليس سببا قانونيا كافيا.. رئيس الشاباك ليس موظفا يخضع لمبدأ الولاء الشخصي بل يجب أن تمر إقالته عبر لجنة مختصة.. لو كنت قاضيا في المحكمة العليا وقدم إلي هذا الملف، كنت سأحكم بعدم شرعية الإقالة بسبب عدم معقوليتها وتضارب المصالح”.
كما حذر باراك من خطورة تغيير تشكيلة لجنة اختيار القضاة المقرر أن يصوت عليه الكنيست الأسبوع المقبل، وقال: “هذا القانون خطير للغاية، لأنه يمنح السياسيين سلطة اختيار جميع القضاة في المحاكم، ما يعني تحويل التعيينات القضائية إلى قرارات سياسية بحتة، وهو أمر يقوض أسس الديمقراطية”.
وزير الخارجية الإسرائيلي يرد
وفي المقابل، رد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، على تصريحات باراك قائلا في منشور عبر منصة “X”: “لن تكون هناك حرب أهلية”.
يذكر أن باراك الذي يلقب بـ”عراب الثورة الدستورية” كان من أبرز المعارضين للثورة القضائية التي دفعت بها حكومة نتنياهو، وقد واجه احتجاجات واسعة أمام منزله بعضها مؤيدة لمواقفه وأخرى معارضة تضمنت هتافات حادة ضده، ما دفعه للبكاء في بعض المناسبات.
ورغم الانتقادات العنيفة التي تعرض لها من حكومة نتنياهو، اختاره رئيس الوزراء مؤخرا لتمثيل إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي في القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية” في غزة.
وقد جاء الاختيار نظرا لمكانته الدولية كواحد من أبرز الشخصيات القانونية في العالم، ولأنه ناج من المحرقة، مما يضفي على موقفه وزنا كبيرا أمام القضاة الدوليين.
المصدر: صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية