Opinions

أمريكا تراهن على إعادة انتاج النظام السوري

بقلم: عبد الكريم محمد

بعيداً عن التعليقات التي تكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، والاستنتاجات التي تبث ليلاً ونهاراً على المواقع الاخبارية الألكترونية ووسائل الإعلام، نلاحظ أن موقف الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لم يتغير قيد أنملة، تجاه الصراع في سورية مطلقاً.
 
وأن ما يقال عن الاهتمام الأمريكي بالقضية السورية باعتبارها قضية استراتيجية، كذبة كبرى لا يمكن أن تنطلي على أحد، اللهم سوى العامة والدهماء، خاصة وأننا نعلم أن ما يعتبر استراتيجياً ومهما بالنسبة للولايات المتحدة، لا يمكن أن يتم تسلمه بالنيابة لبلد كروسيا وإيران والسعودية وتركيا، مهما كلفها الأمر.
 
وأن القضايا الاستراتيجية بالنسبة لأمريكيا، هي قضايا تخص المصالح الأمنية العليا لها وحدها، بل أن تسليمها أو التفريط بجزء يسير منها، يعتبر أمراً نافراً في السياسة الأمريكية، بل متعارضاً مع مفهوم الولايات المتحدة للقضايا الاستراتيجية والمصالح العليا، التي غالباً ما تتربع على أعلى درجة في سلم أولوياتها.
 
ولعل جل الأمر، يتعلق في إعادة انتاج نظام بشار الأسد من خلال كذبة العقوبات، باعتبارها تكتيكاً أمريكياً متبعاً لا يمكنها التخلي عنه، ليبقى في حيز المسقف أو المسيطر عليه، أو حتى المتفق عليه لا أكثر ولا أقل..
 
أمريكا من جانبها، تجد بالعقوبات ظاهراً فرض شروطها الخاصة، لكن الأهداف المتوخاة دائما من فرض العقوبات، تصب في المحافظة على المحاصر ما أمكنها ذلك.. فحصارها لكوبا وكوريا وإيران وسورية، تصب في حقيقة الأمر في هدف ديمومة البقاء، لأن مثل هذه الأنظمة هي مصلحة أمريكية علياً وليس العكس من ذلك. باعتبارها -الأنظمة- فزاعة تستثمرها في مواجهة الحلفاء والأصدقاء قبل الأعداء المحاصرين المفترضين.
 
قد يفاجئ البعض، إذا ما قلنا أن الولايات المتحدة، هي من يرسم شكل العلاقات المحيطة بسورية، وهي وحدها من يوزع الأدوار والمهمات على هذه الدول في سورية، فروسيا وإيران وتركيا والجامعة العربية مجتمعه، وعلى رأسهم إسرائيل، الكل يعمل بالإملاءات الأمريكية داخل سورية..
 
بنهاية الأمر، سيأتي اليوم أو اللحظة التي ستجد نفسها أمريكا، بحاجة لطي هذا الملف، والذي سيأخذ أولى خطواته بوقف إطلاق النار، بالتزامن مع المساعدات الاقتصادية، وعودة مجموعات من اللاجئين من تركيا والأردن ولبنان، وهذا ما يجري عليه العمل بكل جدية.
 
ليعقد بعد ذلك كرنفال القرار “الأممي 2254″، الذي وجد ليكون صمام أمان لمنع التغيرات الجذرية في سورية، والذي سيعاد من خلاله انتاج النظام السوري..
 
ولا يستغرب أحد إذا ما قلنا، أن ما سيتخذ من إجراءات وقف النار في درعا سينساق -وإن اختلفت الأساليب- على بقية المناطق كإدلب وحلب وريفي اللاذقية وحماة.. ليصار إلى ترميم الوضع السوري الداخلي بشراكة  مع النظام القائم. على كل للحديث بقية.