Opinions

أسوأ ما في الحياة.. أن التاريخ يسطره البلطجية والزعران

بقلم: عبد الكريم محمد

لم يجد الخير مكاناً له مذ وجدت الخليقة، إلا ومضات ما أن تظهر، حتى يسرع أهل الشر على وأدها.. الغرابة في الأمر، أن الكثير من المثقفين والمؤرخين والعلماء ومدعي المعرفة.. عندما يتاح لك الجلوس بينهم، لا تسمع إلا التغني بالماضي المشرق، الخالي من كل العيوب والموبقات، لدرجة تخال الحاضر مشأمة يندى لها الجبين.. تصل معها أحياً لحالة من عدم التوازن وفقدان الثقة بالذات.

بعضهم يفكر أن العرب وحدهم ومعهم المسلمين هم من يمتلكون الصفات القبيحة، هذا البعض الذي يدعي التفكير والمعرفة، هو سطحي لا يمتلك من المعرفة حتى قشورها، فكل الشعوب والأمم على وجه الأرض، ليس فقط العقل الصحراوي الذي نتهم به، مارست وما تزال تمارس أعتى وأبشع الشرور، أقله العنصرية المقيتة، التي لا تجد ما يحققها واقعاً..

بل أن القيم النبيلة التي تطرح هي لمصلحة فئة دون غيرها، وأن الديموقراطية والحرية وغيرها من النظم الحديثة المتخيلة، جاءت لتخدم الفئات المهيمنة، دون غيرها لا أكثر.. وأن حرية الأفراد والجماعات مسقفة عند صاحب القرار السياسي والاقتصادي وملحقه الاجتماعي، فمن يقوى على التحكم بلقمة عيشك وحده من يمتلك الحرية، دون ذلك الكل عبد الساعة عند رب العمل، وما تبقى من ثرثرة ورغاء وانتقادات مجرد قشور، يدير بها هؤلاء المتحكمون بتفاصيل حياة الناس، الأزمات التي قد تنشئ بين  الفينة والأخرى.

أن تكون ديموقراطياً أو تؤمن بحرية البشر، عليك أن ترضى بالديموقراطية منهجاً وطريقة حياة لكل شعوب الأرض قاطبة، بل أن تدعي لنفسك بأنك قوة خير على هذه الأرض، عليك أن لا تتحكم بثروات الآخرين عبر استخدام فائض قوتك، والملكية الحصرية لكل ما هو ثمين عند ضعفاء الأرض..

بعضهم يلوذ بالدين والشريعه، وهنا اقصد اليهودي والمسيحي ومن ثم المسلم، وليس بدين دون الآخر، فقد استثمرها -الشريعة- المتنفذون على هذه الأرض، وقتلوا وأباحوا دماء آلالاف الملايين من الأبرياء، التي تميد من شرورهم زلازلاً وبراكيناً.. دون أي وازع ديني أو أخلاقي، وبقي ما تحمله الكتب المقدسة من قيم، مخبأة بين دففوف تلك الكتب لا أكثر..

وهنا لست بحاجة لاستحضار التاريخ الحافل بالقتل والجريمة غير المبررة، حتى الحروب العالمية وما سبقها، كان الشعار الديني فتيل اشعالها وما يزال.. القضية مكشوفة تماماً لا تلحنوا حججكم كثيراً، العدل سيبقى في السماء، وسيبقى العدل سيد الملك..

بالنهاية أسوأ ما في الأمر، أن التاريخ يسطره البلطجية والزعران والقتلة وشذاذ الآفاق.. وعلى الناس أن يفكروا ملياً، إذا غابت زعرانهم أن يشتروا الزعران كل بسعره، لأن سوق الزعران اسعارها متفاوتة، حسب الصفات والمواصفات التي يحملها الأزعر..