في مثل هذا اليوم قبل 27 عاما، أودى قصف إسرائيلي استهدف موقعا لقوات الأمم المتحدة في بلدة قانا بجنوب لبنان، بحياة 106 مدنيين وإصابة 116 آخرين.
المدنيون الذين أزهقت أرواحهم في تلك “المذبحة” كانوا لجأوا إلى المقر التابع للأمم المتحدة هربا من “عناقيد الغضب”، وهي العملية التي كان الجيش الإسرائيلي ينفذها حينها في المنطقة ضد مقاتلي حزب الله.
من بين حوالي 800 مدني لبناني احتموا بـ “الأمم المتحدة”، قتل وأصيب أكثر من مئتي شخص، علاوة على إصابات خطيرة تعرض لها أربعة فيجيين من جنود قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
القوات الإسرائيلية في ذلك الوقت، أطلقت نيرانا كثيفة من مدفعيتها طراز “109 إم” بهدف التغطية على قوات خاصة إسرائيلية يقودها نفتالي بينيت، التي تولى رئاسة الوزراء بين عامي 2021 – 2022. تلك القوة الخاصة الإسرائيلية كانت تعرضت لقصف بقذائف الهاون، انطلق من محيط المقر.
توصل تقرير للأمم المتحدة في وقت لاحق إلى أن القصف الإسرائيلي على مقر قواه في قانا، كان متعمدا، مستندا في ذلك إلى دليل يتمثل في مقطع فيديو تظهر فيه طائرة استطلاع إسرائيلية مسيرة كانت تحلق فوق المجمع التابع للأمم المتحدة قبل أن تنطلق حمم المدفعية الإسرائيلية.
الحكومة الإسرائيلية بدورها، نفت جملة وتفصيلا أن تكون طائرة مسيرة لها كانت تحوم بالمنطقة، لكنها بعد أن أبلغت عن الفيديو الذي يسجل الحادثة، ادعت أن تلك الطائرة المسيرة كانت في مهمة مختلفة!، ورفضت بشكل قاطع استنتاجات الأمم المتحدة بأنها تعمدت قصف مقرها بمن فيه.
إسرائيل قبيل انطلاق “عناقيد الغضب”، نفذت في 11 أبريل، ضربات أولية استهدفت مواقع في جنوب لينان وفي بيروت بالمدفعية وبعد ذلك بالصواريخ الموجهة بالليزر.
حدث ذلك بعيد اشتباكات عنيفة مع مقاتلي حزب الله بجنوب لبنان. في ذلك اليوم 11 أبريل 1996، أنذرت إسرائيل، سكان 44 بلدة وقرية في جنوب لبنان، بضرورة إخلاء منازلهم في غضون 24 ساعة.
بعد مرور 48 ساعة، نشرت إسرائيل “عناقيد غضبها” على عدة مناطق في لبنان، وبدأت سفن البحرية الإسرائيلية في 13 أبريل في حصار موانئ بيروت وصيدا وصور، وضرب البنية التحتية اللبنانية، فيما كان حزب الله يرد بشكل متواصل بقصف شمال إسرائيل بالقذائف الصاروخية.
نتيجة لتلك العمليات العسكرية المكثفة بين إسرائيل وحزب الله، لجأ بحلول 14 أبريل 745 شخصا إلى مجمع الأمم المتحدة في بلدة قانا، وهو المقر الذي كانت تقيم فيه كتيبة الأمم المتحدة لمدة 18 عاما، وكانت إسرائيل تعرفه جيدا، وتميزه في خرائطها بشكل واضح، بعلامات بالأبيض والأسود تشير إلى الأمم المتحدة .
حتى يوم 16 ابريل 1996، كان حزب الله قد أطلق 120 صاروخ كاتيوشا على إسرائيل، تسببت في إصابة شخص واحد في كريات شمونة، في حين أطلقت إسرائيل 3000 قذيفة، و200 صاروخ على الأراضي اللبنانية، إضافة إلى قصف نفذته زوارق بحريتها، استهدف طرقا في بيروت مكتظة بالنازحين.
كان تجمع في 18 أبريل ما يصل إلى 800 نازح من بيروت. وكان هذا التكتيك الإسرائيلي معروف على نطاق واسع، وكان مقاتلو حزب الله والمواطنون اللبنانيون على دراية به، حيث كان الجيش الإسرائيلي يقصف منذ اليوم الثاني للقتال بشكل مباشر أي مصدر نيران ترصدها استخباراته لمدة 10 دقائق، وذلك بحسب ما ورد في تقرير الأمم المتحدة عن تلك المذبحة.
إسرائيل أعربت عن “أسفها” لمقتل عدد كبير من المدنيين، فيما اتهم المسؤولون الإسرائيليون والامريكيون حزب الله باستخدام المدنيين كدروع بشرية.
منظمة الأمم المتحدة في تلك الأثناء، كانت تغرد بشكل منفرد، حيث أكد تقريرها الرسمي أنه على الرغم من إمكانية مثل هذا الاحتمال “إلا أنه من غير المرجح أن يكون الهجوم على موقع الأمم المتحدة نتيجة أخطاء جسيمة فنية أو إجرائية”.
مذبحة قانا، كانت جريمة حرب متعمدة بكل المقاييس، استهدفت أبرياء عزل يحتمون بمقر للأمم المتحدة، لكنها رغم خطورتها وفظاعتها، مرت على الجناة بسلام.