الكل بلا استثناء في إسبانيا كان ينتظر رؤية الكاتبة الغامضة، كارمن مولا، التي أبهرت الجميع برواياتها، والتي تظهر لأول مرة لتتسلم جائزة “بلانيتا” الأدبية المقدرة بمليون يورو، لكن حدث شيء غريب، فقد صعد إلى المنصة 3 رجال.
لم يفهم أحد لماذا صعد هؤلاء الرجال، ولا أين كارمن، حتى تلقوا مفاجأة من العيار الثقيل: ليس هناك كارمن من الأساس!
ماذا؟ ليس هناك كارمن!
موجة من الجدل ما تزال ملتهبة حول هذه الواقعة حتى الآن في إسبانيا، فالكاتبة التي دأب الناس على قراءة أعمالها ومشاهدة هذه الأعمال بعد تحويلها إلى أعمال درامية، لم تكن إلا ثلاثة كتاب سيناريو من إسبانيا قرروا أن يكتبوا أعمالا مشتركة فيما بينهم باسم كارمن مولا.
الكتاب الثلاثة هم: خورخي دياز، وأغوستين مارتينيز، وأنطونيو ميرسيرو، وهم الذين صعدوا ليتسلموا جائزة المليون يورو عن الفيلم التاريخي المثير “الوحش”، الذي يركّز على قتل الأطفال في مدريد أثناء تفشي الكوليرا عام 1834، وهو الفيلم الذي كان الإسبان يعتقدون أنه مأخوذ من عمل روائي لكارمن.
وعلى مدى سنوات، أخفى الكتّاب الثلاثة هذه الحقيقة، حقيقة أنهم انتحلوا شخصية أستاذة جامعية متزوجة في عقدها الرابع ولها 3 أولاد، اسمها كارمن مولا، وظلوا يكتبون باستخدام هذا الاسم الوهمي.
وحتى تكون الحبكة قوية، رفضت الكاتبة في مقابلات، وكانت تكتفي بالرد على أسئلة الصحافيين عبر البريد الإلكتروني، حتى موقعها الإلكتروني ليس به إلا صورة واحدة لها، ولكنها تدير ظهرها للكاميرا، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
نقلت صحيفة فاينانشيال تايمز عن دياز بعد فوزه بجائزة بلانيتا “مثل كل الأكاذيب، كارمن مولا ليست أستاذة جامعية. نحن ثلاثة أصدقاء قررنا يوما ما قبل أربعة أعوام دمج موهبتنا في سرد قصة”. وقال الثلاثي إنهم اختاروا الاسم بالصدفة، دون التفكير بشكل خاص في جنس الاسم أو الآثار المحتملة.
اشتهرت مولا (الكتّاب الثلاثة) بثلاثية روائية بطلتها “مفتشة شرطة غريبة ووحيدة، تحب كحول الجرابا والكاريوكي والسيارات الكلاسيكية والجنس في سيارات الدفع الرباعي”، وتمت ترجمة هذه الثلاثية إلى 11 لغة ويتم تحويلها إلى دراما تلفزيونية، وفي العام الماضي، أدرج فرع من معهد المرأة الإسباني فيلم “الفتاة” لمولا، وهو جزء من الثلاثية، كواحد من الكتب والأفلام التي يجب على النساء قراءتها، و”تساعدنا على فهم واقع وتجارب النساء”.
واشتهرت روايات مولا بكونها دموية، مثل “العروس الغجرية” التي تقص أحداثاً غامضة ومشوقة لأختين يتم تعذيبهما حتى الموت، عبر زرع دود داخل رأس إحدى الضحايا، وتكتشف محققة الشرطة تفاصيل الجريمة.
وثارت حالة من الغضب والجدل في الوسط الأدبي الإسباني، إذ رأى كثيرون أنه ما من مبرر لاستعارة رجال اسم أنثى، فاستعار الاسم قد يكون لحماية شخص ما من رد فعل عنيف أو للتحرر من قيود أحكام الآخرين أو لو إطلاق حرية الإبداع، وهو ما لم يكن الكتاب الثلاثة في حاجة إليه.
ولام بعض الأدباء الإسبان الصحافة لعدم التحقق جيدا من الحقائق قبل النشر والترويج للرواية التي جرى تحويلها إلى مسلسل وترجمت لـ 14 لغة.