بقلم: عبد الكريم محمد
مع أول إشراقة شمس ربيعية، عند أول الصباح الرطب المعطر بعبق الرياحين، خرجت الحمامة المدللة عند ذكور قبيلتها، اللذين ينظرون لها انبهاراً وشبقا،ً لشدة حسنها ورشاقة قدها.. لتأخذ قسطاً من نقاوة هواء ذاك الصباح المعطر..
بطبيعة الأشياء هي تعرف أنها ملكة أنثى الحمام، بل تعرف أكثر أن كل الأعناق الذكورية تشرأب لها احتراماً وإجلالاً، للحسن والجمال والقدّ الممشوق.. لتزحف بعد ذلك زلفى حول عشها العامر.. ودفء فقسها..
وهي تختال لتراقص النسيمات، فاجئها العصفور الذي يخرج على غفلة الملكات بصمت من دون استئذان أو سابق إنذار، فجفلت ست الكل، أو قل ست الستات، وصاحت بعالي الصوت يا يمامه.
من بعيد كان الغراب يكتم نعيقه المؤذي لملكة الحمام احتراماً، أجابها باستغراب وألم ولوعة، إن أنت أيتها الحمامة الجميلة قلتي يا يمامه، إعلميني عن نفسي ماذا أقول؟!
نحن هؤلاء من دون الحمامة العيوقة، التي تغازل الصباحات الهانئة، بل وذكوريتنا طغت على كل شيء حتى نالت من أنوثة الحمام.. وحولتها لأبقار لاحمة تنتظر دورها، لينال منها سكين الجزار الصدئة..
الكل عندنا يقلد الحمامة كما الغراب، فما أن تسمع نعيقة، حتى تظن أن ثمة منادياً يبشر بالخراب القادم من هناك، يبشر بالخبر المفجع والطامة الكبرى.. أما ذاك العصفور المتلصص دوماً وبلا انقطاع مع مهنته الدنيئة..
مايزال مصراً على ديمومة لعبته ودوره القذر، ليدعي بعد ذلك الضعف والمظلومية.. على خلدك أيها العصفور، سيأتيك الباشق يوماً، ليجعل منك ذكرى قصة جميلة في سجل الحمامة الدلوعه.