بقلم: إياد مصطفى
صحيح أن روسيا لم تتوان في تقديم الدعم لكازاخستان بمواجهة الاحتجاجات التي تشهدها منذ أيام، لكن عدم التردد هذا محفوف بالكثير من المخاطر، خاصة وأنه يؤجج التوترات مع الغرب وسط غمار الصراع القائم بشأن أوكرانيا.
ناهيك أن روسيا لا يمكنها السماح بانهيار كازاخستان، بالنظر إلى الواقع الجيوسياسي بين الجانبين، إضافة إلى وجود موقع بايكمور الذي تستخدمه موسكو منصة لإطلاق صواريخها، ثم لكونها موردا اقتصاديا مهما لها.
ولا تخفي موسكو، انزعاجها من أية محاولة غربية للتوغل سياسيا في بلد قريب منها، وفي كل مرة تحدث فيها اضطرابات بالمنطقة يثار الصراع القائم بين روسيا والغرب، وهو صراع موجود فعلا في كازاخستان، يستشف من خلال الاتهامات الروسية للأميركيين بأنهم وراء الاحتجاجات الأخيرة.
وتجعل الخيرات الطبيعية والموقع الاستراتيجي لكازاخستان، محط صراع بين مجموعة من القوى، حيث تملك مخزونا كبيرا من موارد الطاقة، وتعد الحديقة الخلفية لروسيا، وإن كان ذلك لا يمنع العاصمة نور سلطان من فتح بابها منذ سنوات لشركات أميركية للاستثمار في مجال الطاقة.
وكازاخستان تاسع أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، التي تزيد على 2.7 مليون كيلومتر مربع، وتتمتع بأكبر اقتصاد في آسيا الوسطى، وتتشارك مع روسيا نحو 7 آلاف كيلومتر من الحدود.
ومنذ الأحد تشهد كازاخستان مظاهرات عنيفة قتل فيها العشرات، رفضا لزيادة أسعار الوقود والسخط على السياسات الداخلية للحكومة، التي لم تتخلص من حكم الفرد الواحد.
ووفق مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، ستؤدي احتجاجات كازاخستان “بلا شك” إلى زيادة التوترات مع الغرب بشكل أكبر.
وأشارت المجلة إلى أنه “سرعان ما تلقت مناشدة توكاييف منظمة معاهدة الأمن الجماعي المساعدة، كثيرا من الانتقادات، حيث كتب السفير الأميركي السابق لدى كازاخستان، ويليام كورتني، عبر تويتر، أن (شعب كازاخستان يعلم أن هذه انتفاضة شعبية ضد الحكم الاستبدادي الفاسد، وليس عملا عدوانيا من قبل عصابات إرهابية مدربة بالخارج)”، وفقا لتعبير الرئيس الكازاخي.
المهم بالأمر، ما يجري هذه الأيام في كازاخستان من اضطرابات داخلية، بنوازاة الدعم الروسي الكبيرة لها سيزيد من تعميق الأزمة بين الجانبين.. وأننا سنشهد المزيد من الصراعات في العلاقات الروسية الغربية، من خلال المناكفات والضغوطات، التي تهدف إلى الحد من التفرد الروسي في المنطقة..
وقد تظهر هذه الصراعات مع بروز قوى وطنية مسلحة، قد تصل مع الأيام إلى حركة وطنية كازاخية من شأنها أن تتشابه مع الحرب ضد الروس في ثمانينيات القرن الماضي.. فالسيناريوهات ستبقى مفتوحة على كافة الاحتمالات.