
كشفت صحيفة “بولتيكو” الأميركية أن وزارتي الخارجية والخزانة الأميركية تدرس تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة منذ سنوات على سوريا، في إطار مساعٍ للتأثير على مرحلة ما بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، ودعم عملية التحول السياسي في البلاد.
جاء ذلك في رسالة رسمية صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة بعث بها بول غواغليانوني، أحد كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية في إدارة الرئيس، دونالد ترمب، إلى العضو البارز في لجنة البنوك بمجلس الشيوخ، السيناتورة إليزابيث وارين، بتاريخ 2 من نيسان الجاري.
وفي الرسالة التي لم يُكشف عنها سابقاً، قال غواغليانوني إن “نهاية حكم الأسد الوحشي والقمعي تُمثل فرصة تاريخية لسوريا وشعبها لإعادة الإعمار، بعيداً عن النفوذ الإيراني والروسي”.
وأشار غواغليانوني إلى أن “هذه المرحلة تحمل فرصة نادرة لإعادة رسم مستقبل سوريا بطريقة تضع حداً لعقود من التدخلات الإقليمية”، مؤكداً أن واشنطن “اتخذت بالفعل أولى الخطوات، في كانون الثاني الماضي، عبر إصدار ترخيص عام يسمح بتقديم خدمات أساسية لسوريا، رغم استمرار العقوبات”.
وأكد المسؤول الأميركي أن وزارة الخارجية، بالتنسيق مع وزارة الخزانة، تدرس حزمة خيارات لدعم أهداف السياسة الأميركية في سوريا، تتضمن إعفاءات وتراخيص إضافية، فضلاً عن تقديم المساعدة عبر الشركاء والحلفاء الأجانب.
تحذيرات من ارتباطات الشرع وتخوفات أمنية
وتأتي التحركات الأميركية الجديدة استجابةً لمطالب السيناتورة إليزابيث وارن، وعضو الكونغرس الجمهوري، جو ويلسون، اللذين أثارا في رسائل سابقة تساؤلات حول آليات دعم الاستقرار في سوريا دون مكافأة مبكرة للقيادة الجديدة التي ما تزال في مرحلة الاختبار، وفق “بولتيكو”.
وذكرت الصحيفة أنه رغم التفاؤل الحذر، أبدت الرسالة قلقاً واضحاً بشأن الزعيم السوري الجديد، أحمد الشرع، الذي لديه شبهات ارتباطات سابقة مع جماعات متطرفة، بما في ذلك تنظيم “القاعدة”.
وحذرت رسالة الخارجية الأميركية من أن “رفع العقوبات قبل الأوان قد يؤدي إلى مكافأة زعيم غير مجرب يبدو أنه يقول الأشياء الصحيحة، لكنه ربما لم يتحرر تماماً من إرثه المتطرف”، ما يجعل الموقف الأميركي “متأرجحاً بين تشجيع التحول السياسي وضمان عدم الوقوع في فخ قيادة مشبوهة”.
كما تشير الرسالة إلى أن تعزيز التنمية الاقتصادية خلال هذه الفترة الانتقالية قد يكون عاملاً حاسماً في ضمان استقرار سوريا ومنع عودة تنظيم “داعش” إلى الساحة، في حين يرى محللون ودبلوماسيون أن “هذه اللحظة حاسمة للتعاون مع الحكومة السورية الجديدة في دمشق، وقد يشكل فرصة تاريخية للولايات المتحدة لسحق تنظيم داعش إذا احتضنت القيادة الجديدة للبلاد”.
ضغوط متزايدة من الكونغرس على إدارة ترمب
وفي متابعة لتلك التطورات، بعثت السيناتورة وارين والنائب ويلسون رسالة جديدة إلى وزارة الخارجية الأميركية، حصلت صحيفة “نات سيك ديلي” على نسخة منها، يطالبان فيها بإحاطة كاملة حول الخطط المحددة لتحديث نظام العقوبات المفروضة على سوريا.
وتضمنت الرسالة طلباً رسمياً بتوضيح ما طلبته واشنطن من الحكومة السورية الجديدة كشرط مسبق لتخفيف القيود الاقتصادية، في ظل ما وصفه وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في وقت سابق بأنه “الإلحاح الشديد لهذه اللحظة”.
وأشارت “بولتيكو” إلى أن رد وزارة الخارجية الأميركية لم يتضمن أي تفاصيل دقيقة أو جدول زمني واضح، الأمر الذي يزيد من حالة الترقب في واشنطن حيال الخطوات المقبلة، وسط توازن دقيق بين الرغبة في دعم التحول السياسي في سوريا وتجنب السقوط في فخ تحالفات قد تعزز موقع خصوم الولايات المتحدة في المنطقة.