Culture

آل الأسد.. قتلة الأطفال وسراق الآثار.. مغول هذا العصر

بقلم: د. أحمد خليل الحمادي

لمن حزن على اقتلاع و تفكيك  بيت حقي العظم ( الدمشقي عمره أكثر من ٢٥٠ سنة ) و إعادة تركيبه في قطر، نعم شيء محزن أن يضيع تراثنا و آثارنا من بين أيدينا لتنتشر مثلنا تماما في أصقاع العالم، ولكن هذه هي حال اللصوص الذي سلبوا السلطة والأرض وما عليها..  

كانت مشاعا لهم  بالقوة السلطوية يتاجرون بها و يهربون آثارها و كنوزها التاريخية التي لن تتكرر ليراكموا ثروات طائلة، و لعل رائد هؤلاء اللصوص كان رفعت الأسد الذراع القوي لحافظ الأسد و قائد سرايا الدفاع،  حيث لم يترك موقعا أثريا أو ذات دلالات أثرية حتى يعلنه موقعا عسكريا و تبدأ جرافاته بالعمل بكل همجية لاستخراج كنوزها الأثرية.

 وهذا ما حدث في ثمانينات القرن الماضي في شرق قريتنا علما في ما يعرف سهل درة وحسب الروايات المتناقلة شفهيا بأن المنطقة المستهدفه كان تحتضن  ديرا وقصرا أخذ السهل اسمه منها..  نعم تم احضار قوة عسكرية كبيرة وأحاطت المكان وأعلنت منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب منها، وعندما أنتهت العملية شاهد أهل القرية ومنهم أنا أبشع جريمة أرتكبت بحق إرثنا الحضاري الموغل في القدم وكان عبارة عن تخريب همجي متعمد للحصول على الكنوز والآثار، التي ستأخذ طريقها للتهريب خارج البلد عبر شبكة تهريب الآثار عبر الحدود الدولية..

 طبعا مشكلة عبور الحدود السورية محلولة و ميسرة فهي بحماية العصى السلطوية، فحاميها حراميها، و مازالت الحفائر على حالها منذ حفرت و مازال أصحاب الأرض لا يستطعيون ردمها  و زراعتها واستصلاحها ( علمي بحالها هذه حتى قيام الثورة )، و الأمثلة لا تعد و لا تحصى على امتداد الأرض السورية و اللصوص بتعزيز سياسي وعسكري و أمني سلطوي و رائدهم الثاني بعد أفول نجم رفعت ظهر باسل و تلاه ماهر الاسد و أزلام عائلة الأسد و كبار مجرميها، حيث يمارسون حاليا سرقة الآثار و تجارة المخدرات و غيرها كنشاطات اقتصادية سوداء، مع العلم بأن النظام الطائفي القاتل المجرم  أصدر قانونا يجرم بالمنقب عن الآثار ومتداولها و المتاجر بها بعقوبات شديدة زاجرة  حاسمة رادعة تطبق على البسطاء والغلابى و عامة الناس، أما هؤلاء المدججين بالسلاح وسطوة السلطة فهم فوق القانون و لا يطالهم و يستطيع فراس طلاس إفادتنا عن ذلك بشكل مفصل إذا ما أراد بالفضفضة عن ذلك..

  أما عن البسطاء فإني أعرف شخصا معرفة شخصية قبضت عليه دورية أمنية في اطراف اللجاة بدرعا وفي عزاقته ( سيارة بدائية بسيطة ) و معه فأسا و كريك و ماشي على الطريق فألصقت به تهمة التنقيب عن الآثار و سجن أكثر من خمس سنوات و أطلق من السجن بعدها لعدم إكتمال الأدلة .

و تحضرني هنا جريمة بحق قريتنا علما أرتكبها رئيس بلديتها آنذاك محمد جمعة العماري حيث بذريعة التطوير و شق الطرق أقدم على هدم غالبية البيوت التاريخية الأثرية في القرية و فيها كم هائل من الآثار المعمارية التي تعود للزمن البيزنطي و الروماني و ما أعقبها من حضارات، و كانت مأساة بالنسبة لي و حاولت مع غيري إيقاف هذا التخربب الصبياتي ولكننا لم نفلح فلقد استحصل على موافقة مجلس المحافظة و المحافظ، و بعد التنفيذ جمعت عدة قطع فخارية مكسورة و جلود و غيرها  و أرسلتها لدائرة الآثار لتحليلها فكانت النتيجة بأن عمرها لا يتجاوز ٣٥٠ عاما.

واستدعيت وقتها دكتور و خبير آثار وأستاذ جامعي إلى مكتبي في مديرية الثقافة بدرعا و شكوت له ما جرى، فقال وهو متأثر : هذه الطبقة السطحية دكتور لا تزعل، الحمد لله الذي مدوا طرق عليها ، و لو أخرجوها  لنهبوها كحال غيرها و هروبها خارج البلد و باعوها و وضعوا ثمنها في جيوبهم ، هكذا ستبقى محفوظة للأجيال القادمة لعل و عسى ان تعود عليهم بالخير ) .

وبعد اندلاع الثورة السورية صدقت رؤية الدكتور الذي اتجنب ذكر اسمه كوني لا اعرف ظروفه الآن، حيث طلب بأمر رسمي، اسميا من وزارة الثقافة و فعليا من رئاسة الجمهورية بجمع الآثار الموجودة في متاحف المحافظات السورية ونقلت إلى الساحل لمكان مجهول بذريعة الحفاظ عليها من العبث..

و بالطبع مصيرها أصبح بيد من أصدر ذاك الأمر و هو الآمر الناهي و المتصرف بها هذا إن ما زالت باقية في سورية ، فهي في حوزة مدمر البلد و قاتل الشعب و مدمره و معتقل من طالته يده كونه ردد كلمتي الحرية و الكرامة أو أعجب بمنشور فيسبوكي او علق عليه و هذا المنشور يقول بما منعاه حاميها حراميها.

و بالطبع نهب و سرقة و الاستحواذ على الآثار و التراث الحضاري للبلد هو أحد جوانب مفردات الصراع الحضاري الذي نخوضه ضد النظام الطائفي القاتل المجرم و الذي لن يحسم حسما نهائيا و يعود الوجه الحضاري المشرق لسورية إلا بالقضاء عليه و الخلاص من العصابة الحاكمة المجرمة و على رأسها أهبل سورية و مفسدها و لصها الأول .