بقلم: عبد الكريم محمد
اصنع لنفسك الحياة ما استطعت، فالحياة لا يصنعها الأموات ولايصنعها المتشائلين و المتشائمين، وحدهم من يستطيعون صناعة الحياة، هم الحالمون بيوم آخر قد يكون مزنراً بالزيزفون وأغصان الغار، وبنفسجة تجمع زرقة السماء، لتزفها فألاً على الأحياء ..
وحدهم القادرون على صناعة الحياة.. هم الباحثون عن جماليات أشيائهم، ليرسموها ابتسامة أو نشيدة أو زغرودة تشق صمت سكون المتشائمين.. وحدهم من يجعلون من الذكريات أحلاماً متآخية، يرسمون بها الذكريات لتصبح حقيقةً، حتى لو كانت كثباناً من رمال..
هؤلاء هم من يحق لهم الاجتهاد بكل الأشياء، فمن يخطئ يستحق الأجر، ومن يصيب يحق له كسب الأجران.. بل وحدهم من يحق لهم القول، أننا وحدنا من يعرف طعماً الحياة.. وأن العمر أياً يكن مجرد رقم لا أكثر.. كلها أرقام تعبر عن صيرورة ذاك الأمل المتحرك فينا.
وحدهم من يحق لهم القول، أن للحياة روحاً واحدة تضفى على أهل الحياة خيمة الديمومة، وللأموات ألاف الأرواح الهائمة على المقابر الداثرة، ليسكن أصحابها تحت أكوام من صلصال وبعض من يباس.
قالت العجوز الطاعنة بالسن، أنا وحدى أيتها العذارى، من يحق له التغني بالحياة، لأني أبوح بكل الذكريات على الأحياة جميعاً..عندما عزب البوح عندكن خوفاً، يلبس عبائة الخجل.. والتلطي خلف الإحلام التي لم تولد بعد..
أنا وحدي من يعيد للحياة شكل الحياة، لأني وحدي من يجمع الذكريات باقة من حبق وحنين، ليبثها، مرة أخرى روح الحياة.. وحدي من لا يخاف من أمسه، والذكريات هي وقتي وستبقى حية، مع مرور الحياة.