بقلم: حسن فياض
بعد تطوع إختياري في صفوف الفدائيين والثوار دام سنوات وبعد أن قطعت عنهم مخصصاتهم المالية لأسباب سياسية واهية عاد أبناء العم (صفوان) و(عيسى) إلى المخيم.
صار لزاماً عليهم البحث عن عمل يكون مصدر رزق لهما…
اشتري صفوان شاحنة صغيرة (طرزينة) بثلاثة دواليب كوسيلة نقل للأشخاص، الامتعة علّها تدر عليه دخلاً مادياً يعينه في تأمين حاجياته الأساسية وهذا مالم يحدث .
كذلك عيسى لم يوفق في العثور على فرصة عمل.
خطر بذهن صفوان مشروع تجاري معتقدا أنه سيدر ربحا وفيرا وراح يسهب بالشرح والتفصيل عنه لعيسى.
سنتاجر (بالخردة ) سنقوم بشراء الألمنيوم العتيق والنحاس المكسّر وكذلك كراسي واحذية البلاستيك العتيقة (شحاطات، صنادل، كنادر) المشروع لن يكلفنا الكثير مني الشاحنة ومنك رأس المال
وسنقسم الناتج ثلاثة اثلاث . ثلث لك، ثلث ليّ وثلث للشاحنة باعتباره مالكها وإن شاء الله بعد عام واحد سنعيد تدوير تلك المواد وسيصبح عندنا معمل كبير.
وافق عيسى موافقة المضطر والمجبر بعد أن سُدت جميع المنافذ بوجهه.
في اليوم الأول والأخير وضع صفوان مكبر صوت أعلى الشاحنة.
أَجلسّ عيسى إلى جانبه وقاد الشاحنة باتجاه محطة الوقود لتعبئة الخزان بعد امتلاءه طلب منه أن يحاسب َصاحب المحطة باعتبار رأس المال مسؤوليته . لينطلقا إلى البويضة، الدرخبية، زاكية حتى حدود الكسوة: (اللي عندو المنيوم، نحاس، شحاطات عتيقة،، كنادر للبيع) وما من مكترث أو بائع في طريق العودة بعد مايقارب الأربع ساعات شاهد صفوان فتى يافع يركض باتجاهه حاملاً بيديه ثلاث فردات من الشحاطات توقف أطفأ محرك الشاحنة وترجل منها بعد مفاصلة اشتريا منه الفردات الثلاث حاسب عيسى ذلك اليافع ليكملا طريق العودة…
حالة من التوتر الغضب الغليان الداخلي تتاجج وتفور لتجتاح كل كيان عيسى لم يستطيع كبحها والتغلب عليها عند الجسر المفضي إلى طرف المخيم. طلب من صفوان إيقاف الشاحنة والنزول قائلاً له لنتقاسم حصصنا بعد هذا العناء..!!!
تناول صفوان الفردات الثلاث قائلاً:
هذه الفردة للشاحنة…
هذه الفردة ليّ…
وهذه الفردة لكَ…
_ عيسى يسأل: أكيد هذه الفردة حصتي..؟
_نعم حصتك…
لوّحَ عيسى بفردة الشحاطة أكثر من مرة وبقدر مرارته ليقذفها عالياً بالهواء وبعيداً
تبقى هذه التجارة أكثر عزةً وأقل ألما من تجارات أُخرى من بينها التجارة بالوهم.. والاوطان…؟!