ابتكر الباحثون نموذجا مفاده أن كوننا ليس لانهائيا، علاوة على ذلك، قد لا يكون أكبر بكثير من الأبعاد المرصودة اليوم والتي تبلغ حوالي 46 مليار سنة ضوئية.
وهذا يضيّق إلى حد بعيد الحجم المحتمل للكون، جاء ذلك في مقال علمي نشره الباحثون في المكتبة الإلكترونية arXiv.org .
وجاء في الدراسة أن “العديد من النماذج والنظريات الكونية تشير إلى أن الكون له أبعاد كبيرة جدا أو حتى لا نهائية. واكتشفنا أدلة على أن الكون له في الواقع مقياس متواضع نسبيا، وهو ليس بعيدا جدا عن الحدود الحالية للكون المرئي”.
توصل إلى هذا الاستنتاج الباحث جان لوك لينرز من معهد فيزياء الجاذبية التابع لجمعية “ماكس بلانك” وجيروم كوينتين من معهد الفيزياء النظرية في واترلو الكندية. ودرس كاتبا المقال مدى السرعة التي يمكن أن تتوسع بها حدود الكون في اللحظات الأولى من وجوده، عندما كانت هذه العملية تجري بسرعة فائقة.
لقد حاول العلماء منذ فترة طويلة إيجاد إجابة لهذا السؤال، لأنه لا يرسم الحدود والأبعاد المحتملة للكون فحسب بل ومصيره في المستقبل، فضلا عن إمكانية وجود أكوان موازية له. ويفترض بعض علماء الكونيات أن كوننا ليس له حدود تقريبا، وأنه سوف يتوسع إلى الأبد، بينما يعتقد علماء آخرون أن عملية توسع الكون محدودة.
واهتم كوينتن ولينيرز بالحجم الذي سيكون عليه الكون، مع ان تؤخذ بعين الاعتبار جميع العوامل الكمية والفيزيائية الكبيرة التي تؤثر على بنية المادة وخصائص نسيج الزمكان. ومن أجل الحصول على مثل هذه المعلومات، استخدم علماء الكونيات النظريات الكونية الموجودة لحساب المواصفات الأساسية للكون، بما في ذلك انحناء الفضاء ونسبة المادة المظلمة والطاقة المظلمة.
وقارن العلماء هذه القيم بالبيانات التي حصل عليها مسبار “بلانك “وتجربة BICEP الأرضية عند دراسة إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، بصفته نوعا من “صدى” الانفجار الكبير، وكذلك بأرصاد أخرى لخصائص الكون. وأظهرت الحسابات أن الانحناء “المسطح” للفضاء، وكذلك درجة الحرارة الحالية للفضاء وبعض خصائصه الأخرى، لا يمكن تفسيرها إلا باستمرار مرحلة التوسع الفائق السرعة لحدود الكون لفترة قصيرة نسبيا.
وبحسب علماء الكونيات، يشير ذلك إلى أن الحجم الإجمالي للكون يمكن مقارنته بحدود يمكن رصدها، ويمكننا رؤيتها بمساعدة أي تلسكوبات وأنظمة رصد أخرى. وعلى وجه الخصوص، تدل عمليات رصد إشعاع الخلفية الكونية الميكروي باستخدام “بلانك” وBICEP على أن حجم الكون المرئي يبلغ حوالي 46 مليار سنة ضوئية.
وأظهرت حسابات مؤلفي الدراسة أن الحجم الإجمالي للكون يتجاوز هذا المعدل بمقدار عدة أضعاف فقط. وهذا يجعل الكون صغيرا جدا، مقارنة بمعظم التقديرات السابقة، لكنه لا يزال متوافقا مع نظرية الأوتار وبعض الأفكار الحديثة الأخرى التي تتحدث عن الطبيعة الكمومية للجاذبية. ويقول الباحثون إن هذا ما يميّز فكرة “الكون الصغير” عن النظريات الكونية الأخرى.