سياسة

دولة الطوائف.. دويلات ما قبل الدولة


بقلم: عبد الكريم محمد
ثمة غرابة بالأمر واستهجاناً، عندما نرى ونسمع الكثير من التنظيرات، حول الدولة ومؤسساتها القانوية والدستورية.. تخال الأمر بداية، بأن أطراف الحديث تتناول المملكة المتحدة أو فرنسا أو الولايات المتحدة..

لتفاجئ بعد ذلك، أن ما تسمعه من أحاديث عن هذه الإمبراطورية، يتعلق بإمبراطورية الطوائف العظمى بلبنان، وبدستورها الديموقراطي النفيس، القائم على ما يسمى بديموقرطية التوافق الطائفي..

هذا الدستور لم يشهد له العالم شبيهاً، فلكل إمبراطورية طائفية حصة أو إذا شئت رقعة من الجغرافيا، وحفنة من الموظفين على اختلاف مسمياتهم.. وواجهات اجتماعية واقتصادية ودينية، يقول عنها البعض، لصوص أو ممثلي هذه الطوائف..

هذه الإمبراطورية موطئ قدم العالم، عبر الإمبراطوريات واسعة الانتشار ذائعة الصيت، بستار على مساحتها يحمل أكثر من ثلاثين نجمة..
شعارات ما أنزل الله بها من سلطان، خدم للراعي، والمنسي هي تلك الأرض التي سميت عنوة حتى يرضى كل من الثنائي الفرنسي بيكو والإنكليزي سايكس، الذي حول المكان من جبل إلى دويلة.

المهم بالأمر، أن ثمة شيء يدعو للغرابة حقاً، بأن ما يقال عنه لبنان الوطن يصلح ليكون لبنان الطائفة ولبنان القرية، ولبنان بلا لبنان..
 اليوم هذا اللبنان يعيش على جنبات اللبنانيين، الذين سموا يوماً بأبناء الوطن.. ليتحول إلى لبنان الفرنسي والروسي والأمريكي والإيراني والفاتيكاني والغربي والشرقي، ليتلبس زوراً ذاك القبر الداثر، الذي سمي يوماً بلبنان العربي..

رحم الله من ماتوا وما يزالون ينتظرون، الموت لحظة بلحظة، أو يصارعون الموت، انتظاراً لإحياء القبر العربي الداثر، ليُبعث من جديد عله يبني الدولة حقاً، على أنقاض دويلات ما قبل الدولة، المسماة طوائفاً وحسب.