آراء

الولايات المتحدة تشهد تصدعا سيقودها نحو التفكك

بقلم: إياد مصطفى
وأخيراً وليس أخراً، ما كان مستهجناً في جدية الأحاديث عن التغيرات المستهجنة، رغم دروس التاريخ وأحداثه الماثلة بكل وضوح لكل متابع أياً تكن ثقافته مسعة معرفته واختصاصه.. استفاق العالم اليوم على خبر محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي ملئ الفراغ الأمريكي كذباً ونفاقاً.

المهم بالقول، أن “الواقع الأمريكي بدأ يتغير باتجاه انتهاج العنف، مدفوعاً بحجم الانقسام والتشظي داخل المجتمع الأمريكي، الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة في الصراع الداخلي الأمريكي، لذلك يمكن القول إن بعض الصراع داخل الحزب الديموقراطي من جهة وداخل الحزب الجمهوري من جهة أخرى، وبين “الحزب الديمقراطي” والحزب الجمهوري “المحافظ” بشكل عام، بدأ يأخذ طريقه حل هذه الصراعات الحزبية السياسية والمصلحية نحو الظاهرة العنيفة، التي باتت واقعاً معاشاً داخل الولايات المتحدة من دون استثناء”.

ولعله ماكان محرماً في تسعينات القرن الماضي في الاتحاد السوفيتي بات واقعاً، وما كانت تعيشه أمريكاً من كذبة تجديد الذات والقدرة على المضي بحو الوحدة، اليوم يشي بأن “الانقسام الواضح في الولايات المتحدة قد يؤدي إلى انفصال لبعض الولايات عن المفهوم الاتحادي المعمول به اليوم، إذ أن هناك من يرغب في الانفصال عن الإدارة المركزية في الولايات المتحدة، فأمريكا لم تعد تلك الدولة التي تقدم نفسها كأساس للديمقراطية والحرية”، خاصة وأن كذبة القيم قد سقطت لتظهر أمريكا أقذذر نظام إمبريالي منحط يفتقد إلى كل القيم الإنسانية، باعتبارها تنتهج قيم الوظيفة القذرة التي تتعامل مع البشر وتراهم باعتبارهم وظائفاً في تقديمة الخدمات لا أكثر.

وقد لا نغالي إذا ما قلنا، أن “هناك مشاكل سياسة واجتماعية عميقة جدا داخل الولايات المتحدة الأمريكية وأزمة غزة انعكست بشكل كبير جدا على خيارات الناخبين، ومن الواضح أنه من غير الممكن للولايات المتحدة أن تستمر في إنشاء الحروب كل عقد أو أكثر من الزمن، فالمجتمع أو إذا شئت التجمع الاستيطاني الأمريكي، بدأ يعرف حقيقة دولته من الداخل والقوى العميقة الحاكمة باعتبارها تقوم على نشر الحرب وإثارتها في العالم”.

ووقد بات مطلوباً اليوم أكثر من أي وقت مضى، عودة الولايات المتحدة إلى الداخل الأمريكي حتى يستقر العالم، فاستمراراها بسياساتها العسكرية الداعية إلى عسكرة العالم ودعم الحروب كما يحصل في أوكرانيا، التي تدفع في ساحتها الولايات المتحدة مليارات الدولارات بهدف استمرار الصراع ومحاولة محاصرة روسيا وتطويقها، لن يؤدي سوى إلى المزيد من التشققات حول العالم وفي الداخل الأمريكي”.

المهم بالأمر، بات الشعب الأمريكي يرفع الصوت عالياً رفضاً السياسات الأمريكية المشار إليها، التي تحمّل الولايات المتحدة الكثير من الأعباء وتهشم صورتها الديمقراطية والداعية إلى نشر السلام، خاصة وأن الديمقراطية الأمريكية منقوصة وقاصرة وغير مكتملة، لأنها تحاصر خيارات الناخب الأمريكي وتحد من مساحة حريته في الاختيار، لتضعه أمام مرشحين فقط لا غير وهما الديمقراطي والجمهوري المحافظ.

ولعل التصدع الكبير الذي يشهده الداخل الأمريكي، سيؤدي إلى مسار من العنف والذي سيؤدي بدوره إلى مرحلة من التفكك، ذلك على الرغم من تصريح الرئيس بايدن صباح اليوم الذي أكد عدم السماح بانجرار البلاد إلى تيار العنف، فاستفراد بعض الولايات بكل الموارد ومصادرة القرار السياسي بالإضافة الى الحساسيات العرقية والاجتماعية، ستجتمع معاً لتشكل بيئة حاضنة للتفكك الأمريكي”.