أدب

لمن؟.. لا أعرف

عبد الكريم محمد

كانت الشمس تميل نحو المنحدر الأخير.. لتغزو الظلمة المكان، الذي لا يقوى على ستر عورتنا..

كانت الظلمة تشبه لون أحزاننا، التي عشعشت مبكراً بين الضلوع.. لتصبح واحداً آخراً لكل واحد منا.. لتصبح خلفية مرآة النفس فينا..

كانت المراثي يا حبيبتي تأتينا من النوافذة البعيدة المطلة على المنحدر، وأصوات النحيب القادمة من هناك.. تمزق الأشياء التي لم نسمها بعد..

 كل شيء عند المساء كان من حولنا.. يثير الخوف المجبول بطعم الحزن والحناء.. يثير الريبة والهلع. وبعض من ذكريات تغنيها النساء بخجل العذارى..

 وكأن شياطين الليل يشيّعون عشق الأشياء إلى مثواها الأخير.. بغياب  الإنس وملائكة الجن.. لنستفيق على قبور دواثر لم نعرف من هم سكانها.. وإلى أي الخلق ينتمون..  

سأل الطفل النابغة وهو يلتفت ليرصد شكل المكان أمه، هل نموت مثلهم؟!!

بصوت مرتجف يحمل بحة الصوت عندها من كثرة النحيب ليلاً.. نعم نحن مثلهم نموت بصمت يا ولدي، دون مودعين ولا معزين..

لم يهدأ ذاك الحشري الباحث في صميم الأشياء، وهل يموت الملائكة يا أمي؟!!

بتعب وضيق صدر من الأسئلة الصعبة وقعها على النفس.. نعم يا بني كلهم يموتون، هكذا سمعت الخطيب يقول.. وهكذا قالت لنا عرافة مارقة على الديار يوماً.