بقلم: عبد الكريم محمد
منذ ما يقارب 75 سنة، أصبحنا سالفة وسائل الإعلام بكل أنواعه وأشكاله، حتى تلفزيون الواقع نالنا منه نصيباً، اليوم وبغفلة من الزمن جاء من يحمل معنا سالفة الدم، ليس من خلال التكهنات والوشوشات والاحتمالات، بل حملها على الشاشات الرقمية، كرسالة من ألم ودموع وقروح وجروح نازفة.
اليوم نشارك الرفاق القدمى سالفة الدم، كما قرأنا ذات يوم عن حصار لينين غراد وستالين غراد، من عسكر تحولوا بقدرة قادر لكتاب، يكتبون البطولات الاستثنائية والصمود الأسطوري في وجه النازية..
بل لعل رواية “كيف سقينا الفولاذ”، (بالروسية: Как закалялась сталь, Kak zakalyalas’ stal’ ) للكاتب الأوكراني الشهير نيكولاي أوستروفسكي (1904 _ 1936) خلال فترة حكم ستالين ويلعب فيها بافل كورتشاجين الشخصية المركزية. وقد تحولت الرواية إلى فيلم ، وترجمت إلى 52 لغة حول العالم.كان يدور بين جيل كامل وكأنه نبراساً للوفاء والبطولة.
السؤال لو كان كاتب الواقعية الاشتراكية الأوكراني الفذ، يعرف أن أشباه ستالين هكذا سيفعلون في الشعب الأوكراني والشيشاني والكثير من الشعوب، التي أحتلت باسم الاتحاد السوفياتي، هل كتب هذه الرواية، وجعل من ستالين نبياً؟!
على ما يبدو أن البعض الحالم، أقرب إلى أن يكون مغفلاً في الكثير من الأحيان، لأن حلمه يشده نحو الخيال، أو أنه يدعي لنفسه سعة المعرفة واستشراف المستقبل، بينما القتلة يعرفون أهدافهم الآنية، لهذا السبب أن كل مجرمي التاريخ لهم مريدين ومفكرين وأبواق تسبح بحمدهم، رغم ما يمتلكون من غباء مفرط قل نظيره.
هكذا هم زعران الحقب التاريخية، مجموعات من القتلة يخدلهم التاريخ باعتبارهم أبطالاً، ويكتبه مجموعة من المرتزقة والحالمين والأفاقين.. ولو سمحت لك الصدف والتقيتهم وهم على فراش الموت وسألتهم، ما الذي دفعكم إلى مثل هكذا كتابات، لتبرئوا منها؟ ولاكتشفت الخجل وملامح الندم ترتسم على جباههم ووجوههم، بشي من ألوان قوس قزح خاصة الصفراء والحمراء منها.
المهم اليوم، يشاركنا بسالفة الدم المجبولة بالعار، أسلاف نيكولاي أوستروفسكي المنتشرين في كل المدن الأوكرانية من دون استثناء، لكن بدلاً من أن يكون البطل ستالين الجورجي، هذه المرة يحل محله البطل الروسي بوتين، المخبر..
السؤال هل سيكون الرئيس الأوكراني الأرثوذكسي هو الضحية كما تروتسكي اليهودي الفذ والعظيم صاحب مقولة الثورة المستمرة، الذي كان ضحية ستالين والمؤامرة الدولية؟!
وهل اعتراف بوتين باستقلال إقليمي دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا، هو ذاته اعتراف ستالين كأول دولة في العالم بدولة إسرائيل؟!!
كل شئ جائز ولك أن تفكر بما تشاء وبالطريقة التي تألفها.. المهم أصبح لنا هذه الأيام شريكا بالسالفة الدامية، التي يندى لها الجبين.