بقلم: عبد الكريم محمد
ثمة حقائق دامغة لا لبس فيها، أن النظم غير المؤهلة والتي لم تبلغ سند الرشد، لا بد وأنها تحتاج لمندوب سامي، لتسيير أعمالها على كافة المستويات.. بداية من البرامج الأمنية مروراً بالبرامج الاجتماعية-الاقتصادية وانتهاءً بالملفات السياسية والثقافية والإعلامية والفكرية..
اليوم يعود الداي والباي والمذبة والمندوب السامي، ليس من فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا، بل من تل أبيب حامية الحمى، عند هذا النظام العربي القاصر، الذي أعاث في الأرض فساداً وإفساداً، لكل فكرة تسعى لبناء أوطان حرة قادرة ومقتدرة.
اليوم يعود المندوب السامي على هيئة رجل بوليس ليضع كرسيه على رأس ذاك العميل والأجير والمخبر.. المسمى زوراً وبهتاناً بالملك والرئيس والأمير.. يا لسخرية القدر حقاً، أن يعيد التاريخ نفسه ثانيةً على هيئة ملوك وعفونة وعصابة من اللصوص، محكومين بساقط جيء به من أصقاع الأرض ليسمى بالعم سام.. قد يكون هذا المندوب مجرد مثلي الهوى، أو مبعصة للولدان، ليجلس عند صاحب الجلالة على الصولجان.
ليأتينا بعد ذلك أبن سفاح يلقي بك خطبة عصماء يستهلها، “نحن خير أمة اخرجت للناس على هذه الأرض”، وكأن حثالات الأرض هولاء ينتمون لأمة من الأمم.. يا لسخرية الأقدار حقاً، عندما ترى ديوثاً على هيئة ملك أو رئيس أو أمير أو نيافة وسماحة وسيادة، تلقى عليها الأوصاف الكبير، كما تلقى أكياس النفايات على المزابل.
هؤلاء القوم من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، ومن معهم من خشاش الأرض الذين يسمون زوراً وبهتاناً بالأمة، ليسوا سوى حراس للعم سام، وزوجه أعني زوجه الذكر، وصاحبة الجلالة السحاقية، يسهرون على ما تفتق عندها في اجتراح طرق الوصول للذة.. يحملون شراشف الراحة في الردهات الفارهة، وبقايا ورقة التوت اليابسة، وبعض كلمات من أشعار تنادي بالعفة، ومفتي يوقد البخور وصحفي ومفكر ينثر الورود على أبواب المندوب السامي فرحاً بالقادم..
هؤلاء من نراهم اليوم، هم سليلي رجالات وقيادات الأمس، ليس أكثر من ذلك، فمن يقوى على التدليس وكتابة تارخ مزور من ألفه إلى يائه، لا يحق له، أن يكون إلا ديوثاً يعمل على راحة الغي، في بلاد الطهر وأرض البطولات الوهمية والكاذبة..