في ظل استمرار اللجنة الملكية في تطوير وتحديث المنظومة السياسية في الأردن، تعالت أصوات أردنية تطالب مجددًا، بإلغاء مادة جريمة إطالة اللسان كليًا من قانون العقوبات الأردني.
وتأتي المطالب بإلغاء القانون، في ظل توجيه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، مطلع الشهر الجاري، الحكومة بدراسة جميع القضايا المتعلقة بإطالة اللسان والسير في إجراءات منح عفو خاص للمحكوم عليهم فيها.
وحسب نص المادة، يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من “ثبتت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك” أو من “أرسل رسالة خطية أو شفوية أو إلكترونية أو أي صورة أو رسم هزلي إلى جلالة الملك أو قام بوضع تلك الرسالة أو الصورة أو الرسم بشكل يؤدي إلى المس بكرامة جلالته أو يفيد بذلك وتطبق العقوبة ذاتها إذا حمل غيره على القيام بأي من تلك الأفعال”، وفقا لقناة المملكة.
جريمة إطالة اللسان
وطالب معهد الصحافة الدولي، ومنظمات حقوقية في الأردن، بإلغاء القانون كليا وإنهاء التأثير السلبي على حرية الصحافة بسبب هذا النص الذي يتم استخدامه عادة لقمع الاختلاف السياسي ونقد الحكومات، بحسب مواقع أردنية محلية.
وقالت باربرا تريونفو، الرئيسة التنفيذية لمعهد الصحافة الدولي، إن “قرار العفو عن كل هؤلاء المدانين بتهمة إطالة اللسان هو خطوة مرحب بها في مجال الاعتراف بأن القوانين التي تجرم انتقاد رأس الدولة أو أي شخص آخر في موقع السلطة لا يوجد لها مكان في الدول الديمقراطية”.
وفي بيان صدر عن الديوان الملكي، قرر العاهل الأردني عفوا خاصا عن كل المدانين بتهمة إطالة اللسان. وحسب وزير العدل الأسبق بسام التلهوني فإن العفو سيطبق على حوالي 75 شخصا.
تحرك قانوني مطلوب
قال حماد أبونجمة، الخبير القانوني، ورئيس بيت العمال للدراسات، إن المادة 195 من قانون العقوبات تنص على “يعاقب بالحبس من سنة إلى 3 سنوات كل من ثبت جراءته بإطالة اللسان على الملك أو أرسل رسالة خطية أو شفوية أو إلكترونية أو أي صورة أو رسم هزلي إلى الملك وقام بوضع تلك الرسالة أو الصورة أو الرسم بشكل يؤدي إلى المس بكرامة الملك أو يفيد بذلك، وتطبق العقوبة ذاتها إلى حمل غيره للقيام بأي من تلك الأفعال”.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، وقف العمل بنص قانوني يحتاج إلى تشريع وتعديل القانون أو الحكم بعدم دستورية النص، وفي ظل عدم تعديل القانون فمن الممكن العمل حاليا على مسارين، الأول إجرائي بأن يكون تطبيق النص في أضيق الحدود، والثاني تشريعي من خلال السعي بالسير في الإجراءات الدستورية لتعديل القانون.
وتابع: “لا يوجد في النظام القانوني الأردني ما يسمى بوقف العمل بمادة قانونية أو تعليقها أو تجميدها إلا في قانون الدفاع الذي يشترط في قرار وقف العمل بنص تشريعي أن يكون مبنيًا على سبب تفعيل القانون وفي الوضع الحالي فإن تفعيل قانون الدفاع مرتبط بالحالة الوبائية وهو أمر لا يسمح بتعطيل أي مادة قانونية لا ترتبط بالحالة الوبائية”.
وأكد أنه في حال تعديل المادة 195 فمن الممكن أن يتم التعديل بتقليص العقوبة ومنع التوقيف قبل إصدار الحكم إلى جانب وضع ضوابط لها كبديل لإلغائها نهائيا، ووجهة النظر هذه يؤيدها العديد من المختصين نظرا لأنها تحافظ على وضع ضوابط خاصة لتفعيل النص دون المبالغة فيه.
وأوضح أبونجمة أن نص هذه المادة قد شهد تعديلا سابقا في عام 2017 أصبح بموجبه النظر في جرم إطالة اللسان من اختصاص المحاكم النظامية بعد أن كان من اختصاص محكمة أمن الدولة بحكم غير قابل للتمييز.
توجه ملكي للإلغاء
بدوره أكد الدكتور نضال الطعاني، المحلل السياسي الأردني وعضو مجلس النواب السابق، أن العاهل الأردني وجه بدراسة جميع القضايا المتعلقة بإطالة اللسان انطلاقًا للمادة 195 من قانون العقوبات، وهناك توجه ملكي واضح في إلغاء هذه المادة، التي جاءت قبل تسلم الملك توصيات اللجنة الملكية للإصلاح السياسي.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، تعتبر التوصيات التي قدمتها اللجنة للعاهل الأردني من أهم التوصيات بالنسبة لكل المواطنين الأردنيين الذين يرنون إلى تحديث وطني شامل ومتكامل بكافة البنى الاقتصادية والإدارية والقضائية والنيابية، وصولًا إلى مجتمع أردني حديث يواكب التطورات المستحبة لبناء النموذج الديمقراطي الذي يضمن الحريات العامة ومنظومة حقوق الإنسان.
وتابع أن ذلك يأتي “ضمن مراحل زمنية قابلة لتطوير التشريعات والبنى المؤسسية وصولًا إلى النضوج الديمقراطي الكامل لتشكيل حكومات برلمانية، تحمل كافة المسؤوليات الوطنية، وذلك ضمن برامج وطنية وسياسية واقتصادية”.
ويرى الطعاني أن هناك توجها ملكيًا لإلغاء هذه المادة لتتوافق مع الإصلاحات السياسية التي تعدها اللجنة الملكية لإصلاح المنظومة السياسية في الأردن، وهي تعتبر خطوة باتجاه الإصلاح السياسي والحريات العامة، ومن منظور ملكي في تحديث هذه المنظومة السياسية.
وكان وزير العدل الأردني أحمد الزيادات قد أعلن أن العفو الخاص عن المدانين بجرائم “إطالة اللسان” الذي أصدره الملك عبد الله الثاني، يقتصر على الجرائم المرتكبة ضد الملك وأفراد عائلته فقط.
وقال الزيادات إن “توجيه الملك عبدالله الثاني للحكومة بالسير في إجراءات إصدار عفو خاص عن الأشخاص المدانين بجرائم إطالة اللسان عليه وعلى أهل بيته هي مكرمة هاشمية، تضاف لإرث وتاريخ الهاشميين الذين يمتازون بالعفو والصفح والتسامح”، وفقا لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية.