أدب

وحدك من يصنع الذكريات


بقلم: عبد الكريم محمد

عندما ترحل الذكريات.. لا تكن مودعاً.. فالذكريات يا صديقي قلما نقوى أو يقوى على حملها أحد.. إنها عُمرٌ من استطالات مديدة؛

آمال وآلام.. من أفراح وأحزان.. بل من راحة وتعب.. وحركة وانتظار. قنوط وتفاؤل..

 بل فكر بصناعة  ذكريات من جديد..

كما يصنع العنكبوت شبكة خيوطة.. ليرحل حيثما طاب له الرحيل..

فكر أن تكون دودة من قز.. لتصنع خيطاً آخراً من الحرير..

فكر أن تكون نحلة، لتصنع طعماً جديداً، للغد القادم شوقاً إليك من بعيد..

لا ترفع يدك إيذاناً بالوداع، حتى لا تصبح خارج عقارب الوقت..

اصنع اللحظات وإن كانت من غبار أوخيوط من سراب.. وتذكر أنك لم تخلق على قارعة الزمن، ليكون جل وقتك الاصطفاف مع المودعين، أو التصفيق والتهليل مع المستقبلين.

لا تذرف الدموع على أي شيء، فعيونك لم تخلق لتكون للتماسيح..

مثل عينيك تحتاجها الروابي، كي ترسم شكلها بعبق من ورد وياسمين.. وصور من خضرة ورياحين..

 مثل عينيك يحتاجها الصقر والطائر الحرّ ليحلق في الأعالي؛ ليجمع زرقة السماء كلها، وليختزل ضوء الشمس..
 
ليعلن من عليائه بداية الظلمة ولحظة السطوع.

المهم لا تفكر يوماً أن ترتحل، كما إرتحال البحر بالسفن.

ولا تصدق أن تضيع كما ضاع غيرك بين ثنايا الزمن.