تداولت وسائل الإعلام على مدى أيام مطلع أكتوبر عام 2015، أنباء عن عثور فريق من علماء الآثار على مدينة قوم لوط المذكورة في القرآن الكريم، بالأردن على الطرف الشمالي للبحر الميت.
رسميا أعلنت مجموعة من علماء الآثار من جامعة نيو مكسيكو الأمريكية في 15 أكاوبر 2015، أنها اكتشفت أنقاض مدينة قوم لوط أو مدينتي سدوم وعمورة بحسب الرواية التوراتية.
رئيس فريق التنيقب، البروفيسور ستيف كولينز، كان أوضح في تلك المناسبة أن مثل هذا الاستنتاج تم التوصل إليه بعد بحث جاد لمدة 10 سنوات في موقع الأنقاض في منطقة تعرف باسم “تل الحمام”، وهو موقع أثري يوجد في القسم الشرقي من وادي الأردن السفلي، بالقرب من مصب نهر الأردن.
ستيفن كولينز قال عن هذا الاكتشاف المثير إن “أنقاض مجمع العصر البرونزي القديم الذي وجدناه هو عبارة عن أنقاض دولة مدينة كبيرة، والتي لم تكن معروفة للعلماء قبل بدء مشروعنا”، مضيفا تأكيده أن فريقه من المتخصصين في علم الآثار اكتشف “منجم ذهب حقيقيا للهياكل الأثرية والتحف القديمة”.
الأكاديمي الأمريكي رأى أن مقارنة هذه الآثار ببقايا المدن القديمة الأخرى القريبة تسمح بالتحدث عن المصادفة القصوى وفقا لعدد من المعايير المعروفة عن سدوم المنصوص عليها في الكتاب المقدس.
علماء من جامعة نيو مكسيكو كانوا بدأوا في عام 2006 أعمال التنقيب في بلدة تل الحمام، الواقعة في الطرف الجنوبي لوادي الأردن، الواقع على مستوى 400 متر تحت سطح البحر، على بعد 14 كيلومترا شمال شرق البحر الميت.
ذلك العمل الذي قاده البروفيسور ستيفن كولينز، عميد كلية الآثار والتاريخ التوراتي، جرى بنتيجته العثور على مستوطنة قديمة كبيرة محاطة بسور قوي.
علماء الآثار نقبوا بعد ذلك عاما بعد عام في أنقاض المنازل ذات الجدران السميكة من الطوب؛ إلى أن تم العثور على أفران للخبز. الباحثون المتخصصون توصلوا على أن البشر عاشوا في هذا المكان بين 3500 و1540 عام قبل الميلاد.
كولينز صرّح قائلا بهذا الشأن: “نحن لا نعرف سوى القليل جدا عن حياة الناس في العصر البرونزي في الجزء الجنوبي من وادي الأردن، مضيفا أن “معظم الخرائط الأثرية لهذه المنطقة فارغة، وقبل أن يبدأ عملنا، لم يخمن أحد بوجود مثل هذه المستوطنة العملاقة في هذه المنطقة”.
هذا العالم أكد أنه مقتنع تماما بأن المدينة المكتشفة لا يمكن أن تكون أي شيء آخر غير “سدوم”، (مدينة قوم لوط): وإلا لكان التاريخ قد احتفظ ببعض الأدلة المكتوبة عنها”.
البروفيسور ستيفن كولينز كان ذكر أثناء حديثه عن النتائج الأولية لسنوات عديدة من العمل الذي قام به فريقه أن جدران قلعة المدينة الواردة في الكتب المقدسة، يصل سمكها في بعض الأماكن إلى 30 مترا، فيما أشارت أفران الخبز والعديد من الآثار الأخرى إلى حضارة متطورة وإلى حياة جيدة التغذية وحرة.
كولينز أورد في كتاب له بعنوان “اكتشاف مدينة سدوم”، مجموعة متنوعة من الأدلة بشأن اختفاء المدينة المفاجئ. العالم في مجال الآثار ذكر أن طبقة سميكة من الرماد والجدران المتفحمة تشير إلى نشوب حريق هائل، يدور جدال بين المتخصصين حول أسبابه المحتملة.
قبل الإعلان عن اكتشاف “مدينة قوم لوط”، جرت خمس عمليات تنقيب على الساحل الشرقي الأردني للبحر الميت خلال الفترة من 1965-1967 ومن 1973-1979، إلا انها لم تستطع تحديد موقع مدينة قوم لوط “سدوم”.
في السابق كان علماء الآثار التوراتية يعتقدون أن مدينة قوم لوط توجد تحت سطح الماء. بعثة بريطانية متخصصة بقيادة العالم مايكل ساندرز كانت أعلنت في عام 2000 أنها تمكنت من تحديد الأكثر دقة لأطلال سدوم في قاع البحر الميت.
إعلان البروفيسور الأمريكي كولينز أن فريقه اكتشف مدينة قوم لوط، لم يحظ بالإجماع في الأوساط المتخصصة، وشكك به عدد من علماء الآثار.
في هذا الشأن، يشير أندريه لوتمنتسيف، الأستاذ في جامعة القديس تيخون الأرثوذكسية الروسية إلى أن علماء الآثار كانوا قد اكتشفوا منذ عام 1940 “العديد من مدن العصر البرونزي المتأخر. تمت دراسة العديد منها من الناحية الأثرية بشيء من التفصيل.
من بين هذا التنوع، من الصعب تحديد ما إذا كانت الآثار التي عثر عليها كولينز تنتمي إلى سدوم وعمورة. يتم تحديد التواريخ بشكل أساسي بالاعتماد على عينات خزفية تم العثور عليها أثناء العمل الأثري. ومع ذلك، فإن الفترة نفسها ليست دليلا بعد.
حاليا، تجري أبحاث أثرية نشطة في مدينة باب الذراع القديمة، والتي اكتشف علماء ناسا بقاياها بفضل التصوير الفوتوغرافي من الفضاء في شبه جزيرة اللسان في الطرف الجنوبي الشرقي للبحر الميت.
يعمل العلماء الروس في هذا المكان أيضا، على وجه الخصوص، يوفرون معدات للأعماق لاستكشاف قاع البحر. حتى الآن، كان باب الذراع يعتبر منافسا على لقب سدوم”.